قال: «لا أدري يا سيدتي فلعلك أمرت باجتماعنا لتوبيخي على جسارتي لأني تطاولت على مقام الملوك.»
قالت: «كلا فانك لم تفهم مرادي ولا أنت تتكلم بلساني ولا تفتكر بجناني.»
قال: «ماذا إذن.»
قالت وقد توردت وجنتاها: «جئت لأهنئك بتلك الدرع التي دلت على سبقك فأنت السابق وفى الإشارة غني.»
قال: «أما تلك الدرع فإنها أثمن ما نلت وسأنال من خيرات هذا العالم فهي واقيتي من نوائب الزمان وتعويذة أتقى بها حبائل الشيطان ولكن من أين لي أن أكون السابق وأنا رجل غريب لا تعرفون من أمري شيئا والمقام مقام الملوك.»
فنظرت إليه بطرف عينها وقد ذبل جفناها وأبرقت حدقتاها وقالت: «ولكن لكل مجتهد نصيب وما الملك يا حماد إلا من ملك القلوب وتسلط على العواطف لا من جمع الأموال وحاز على حطام الدنيا الفانية وما السابق الفائز إلا من حاز جائزة السباق ولبس الدرع على مشهد من الناس.»
فإلتفت إليها وقد تحقق رسوخها في حبه وقال: «ذلك سخاء عهدناه ببني غسان فهل تتعطفين على عبدك بكلمة تشفى غليله وتبرد لظاه.»
فتنهددت وقد اشتد بها الهيام وقالت: «ماذا أقول وكل جارحة من جوارحي تنطق بما في هذا القلب (وأشارت إلى قلبها) ولكنني مالي أرى حمادا يبخل علينا بكلمة.»
قال: «بماذا يبخل حماد ولم يبق له ما يجود به ولا يرى حاجة إلى القول وليس جارحة من جوارحه إلا وقد كتب عليها أنه أسير هواك.»
فنظرت إليه وقد أخذ الحياء منها مأخذا عظيما وقالت: «أعذرني يا حماد على ضعفي فجنس النساء مهما بلغت قوته فهو ضعيف فأشفق وقل كلمة.»
Página desconocida