قال: «إنني شيخ ضعيف لا أستطيع الوقوف لتأدية الفروض اللازمة أثناء الصلاة».
قال: «يؤديها القسيس وتكون أنت معنا بعد الصلاة فننفرد أنا وأنت وحماد لكلام أقصه عليكما».
قال: «حسنا يا ولدي ومتى يكون ذلك؟»
قال: «غدا صباحا إن شاء الله».
قال: «سنلتقي إذا صباح الغد في الصومعة» قال ذلك وهو يتلاهى بمسبحته ويداه ترتجفان.
ثم نهض عبد الله فودع الراهب وخرج توا إلى غرفته وجلس ينتظر عودة حماد.
وكان حماد يختلف إلى صرح الغدير مرارا في الأسبوع يتمتع برؤية هند فيقضى النهار عندها مع والدتها وأحيانا سلمان وقد شعر إن ملاك السعادة يحرسه وخصوصا بعد ما قصه عليه جبلة مما ينويه له في مستقبل حياته وأصبح لا هم له إلا مجيء يوم الشعانين ليفي النذر ويقترن بهند على أنه كان إذا جلس إليها ودار الحديث بينهما نسي النذور وغفل عن مستقبل الأيام. أما والده فلم يجتمع بجبلة وكان حماد يلتمس ذلك منه أحيانا فينتحل أعذارا يتخلص بها من المسير.
فلما كان آخر يوم كما قدمنا عاد عبد الله إلى غرفته وجلس ينتظر حمادا وكان قد سار إلى صرح الغدير في صباح ذلك اليوم وسلمان معه فعاد في الأصيل على فرسه وسلمان وراءه على فرس آخر فلما وصلا الدير ترجلا ودخلا وهما يتوقعان أن يكون عبد الله في انتظارهما فرحب بحماد وقال له: «إلا تعلم يا ولدي إن غدا يوم الشعانين ».
قال: «نعم يا أبتاه وإني في استعداد لوفاء النذر».
قال: «جعله الله نذرا مقبولا. وقد خاطبت الراهب الشيخ الذي كان يجلس في صومعة بحيرا هل تذكره؟»
Página desconocida