198

La chica de Ghassan

فتاة غسان

Géneros

فالتفتت هي إليه وقالت وهي تبتسم: «لا لم يعد حماد خائبا لأنه جاهد في سبيل القرطين جهادا حسنا ولا يزال ساعيا في التفتيش عنهما في خزائن الحيرة ولكننا نحن حولناه عن عزمه فما ذلك من قبيل الخيبة لا سمح الله».

ثم قالت سعدى: «إن أمر القرطين يا ولدي لا يهمنا مطلقا فمثل هذه الأقراط كثير عندنا من نعم الله. من ذلك لؤلؤتان معلقتان بتاج الملك جبلة هما مثل لؤلؤتي قرطي مارية تماما حتى لقد يحسبهما الناس نفس القرطين».

قال حماد: «إني لا أجهل نعم الله على ملوك غسان زادكم الله نعما ولكنني وددت أن أجعل لي سبيلا أستحق به هندا فان نسبي وحده ولا حسبي يخولانني هذا الشرف ولكن ذلك أحسبه من جملة كرم الغسانيين على الغرباء». قال ذلك وتبسم والتفت إلى هند فإذا هي تبتسم أيضا وتنظر إلى الأرض.

فالتفتت سعدى إليه وقالت: «إن النسب يا ولدي لا يجعل الإنسان إنسانا وإن الرجل بأصغريه لا ببردية فان ما شاهدناه من شهامتك وكرم أخلاقك لجدير بأن يرفع منزلتك إلى أوج الملوك وكم من ملك تحطه دناءته إلى مصاف الصعاليك وشاهدنا على ذلك قريب». قالت ذلك ونظرت إلى هند كأنها تذكرها بدناءة ثعلبة والمقابلة بينه وبين حماد فأدرك حماد ذلك فأطرق خجلا لما سمعه من الأطناب ولكن قلبه رقص طربا لتخلصه من أمر القرطين وتمثل له ملاك السعادة طوع إرادته فأبرقت أسرته ثم تذكر يوم الشعانين وتأخير الاقتران بسببه فانقبضت نفسه على إن اجتماعه بهند في تلك الساعة أنساه كل انقباض. ثم أتمت سعدى كلامها قائلة: «أرى على ثيابك أثر الغبار الا تحتاج إلى تبديل وغسيل فإذا شئت هلم بنا إلى القصر».

قال: «لا أشعر بتعب وان الغسيل والتبديل أمران مستدركان ولكن الجلوس في هذه الحديقة بين الأشجار ومجاري المياه والاستظلال تحت هذه الشجرة مما ترتاح إليه نفسي. ولا أخفي على سيدتي إني لم أكن أرجو مثل هذا الاجتماع بعد ما قاسيته من المشاق ولا أنسى يوما قضيته في مكة على سطح غرفتي لا أذكر يوما كنت فيه كما كنت في ذلك اليوم لا أعاده الله».

قالت هند: «وكيف كنت؟»

قال: «لا فائدة من ذكر ذلك غير الكدر ولكنني أمثل لك الأمر تمثيلا. تصوري إني ركبت متن الأسفار وقطعت البراري والقفار للبحث عن قرطي مارية مهرا لحبيبتي هند والتفتيش عن والدي فنزلت بلدا شهدت فيه حربا وخطرا ثم تحققت فقدان القرطين وضياع والدي فلما تراكمت كل هذه المصائب علي صعدت إلى سطح غرفتي وقد ضاق صدرى وتذكرت هندا ووالدي وما أنا فيه من اليأس فماذا تكون حالي».

فقالت سعدى: «لقد سرنا العثور على والدك هل هو في خير وهل ينوي زيارتنا فاني أحب تعريفه بالملك جبلة ليتم سرورنا فقد زالت كل الحواجز وتمهدت كل العقبات والحمد لله».

فتذكر حماد مسألة النذر وحكاية يوم الشعانين فقال في نفسه (لم تزل أمامنا عقبة لا ندري ما وراءها) ولكنه أجاب سعدى قائلا: «أن سيدي الوالد يسر كثيرا بمقابلة الملك جبلة وهو شرف يتمناه أمثالنا ولكنه الآن في شاغل وسيغتنم أول فرصة لمقابلة سيدي الملك وأنا كذلك».

الفصل الثامن والخمسون

Página desconocida