قال أبو عبيد: وقال أيضًا ﷺ (١): " إن من البيان لسحرا ".
ع: لما سأل النبي ﵇ عمرو بن الأهتم عن الزبرقان بن بدر فقال: هو مانع لحوزته، مطاع في أدنيه، فقال الزبرقان: أما إنه قد علم أكثر مما قال: ولكن حسدني شرفي، فقال عمرو: أما إذ قال ما قال فوالله ما علمته إلا ضيق الصدر، زمر (٢) المروءة، لئيم الخال، حديث الغنى. فلما رأى أنه قد خالف قوله الآخر قوله الأول، ورأى الانكار في عيني رسول الله، عليه أكمل التحية (٣)، قال: يا رسول الله، رضيت فقلت أحسن ما علمت، وغضبت فقلت أقبح ما علمت، وما ذكبت في الأولى، ولقد صدقت في الأخرى. فقال النبي ﵊: إن من البيان لسحرًا. والناس يتلقون هذا الحديث على أنه في مدح البيان ويضمنونه كتبهم على هذا التأويل، وتلقاه العلماء على خلاف ذلك: بوب مالك (٤) ﵀ في موطأ " باب ما يكره من الكلام " ثم ذكر عن زيد بن أسلم أنه قال: قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما فقال التبي ﵇: " إن من البيان لسحرًا "، أو إن بعض البيان لسحر، وهو الصحيح في تأويله لأن الله تعالى قد سمى السحر فسادًا فقال: ﴿ما جئتم به السحر إن الله سيبطله، إن الله لا يصلح عمل المفسدين﴾ (يونس: ٨١) .
قال أبو عبيد: ومنها قوله في أهل الإسلام وأهل الشرك: " لا تتراءى ناراهما "
ع: أول هذا الحديث: " أنا بريء من كل مسلمٍ مع مشركٍ، لا تتراءى
_________
(١) الحديث في البخاري: كتاب الطب: ٥١ والنكاح: ٤٩ وانظر التعليق عليه في فتح الباري ١٠: ٢٠٢ وابن سعد ٧/١: وأمالي اليزيدي: ١٠٢.
(٢) هامش س: ذميم.
(٣) عليه أكمل التحية: ﷺ في س ط.
(٤) الموطأ: ٩٨٦.
1 / 15