قال النمر بن تولب (١):
فإن ابن أخت مصغىً إناؤه ... إذا لم يزاحم خاله بابٍ جلد (٢) فضرب إصغاء الاناء للهضيمة والوضيعة.
قال أبو عبيد: ومنها قوله ﵇ حين ذكر الغلو في العبادة فقال: " إن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى " يقول إن هذا الذي كلف نفسه فوق طاقتها من العبادة، بقي حسيرًا كالذي أفرط في إغذاذ السير حتى عطبت راحلته ولم يقض سفره.
ع: أورد أبو عبيد هذا الحديث محذوف الصدر وبه يفهم معناه: روى غير واحد عن ابن المنكدر عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال: " إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفقٍ ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك، فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى ".
يقال: أوغل في الأرض يوغل إيغالًا إذا أبعد، ووغل بين الشجر إذا توارى يغل وغولًا، وكذلك إذا دخل بين قوم ليس منهم، وبذلك سمي الواغل وهو الذي يشرب مع القوم ولا ينفق ويقال لشربه الوغل، قال الشاعر (٣):
إن أك مسكيرًا فلا أشرب ال؟ ... وغل ولا يسلم مني البعير
_________
(١) انظر ترجمته في الشعر والشعراء: ١٧٣ وفيه البيت، وعيون الأخبار ٣: ٨٩ وقبله:
إذا كنت في سعد وأمك منهم ... غريبًا فلا يغررك خالك من سعد وأورده الراغب في المحاضرات ١: ١٧٧ منسوبًا لحسان بن وعلة، ونسبه في نظام الغريب: ١٤ لدريد بن الصمة.
(٢) من المجاز قولهم فلان يصغي اناء فلان أي يتنقصه ويقع فيه.
(٣) هو عمرو بن قميئة، انظر ابن السكيت: ٢٢٦، ٢٥٦، وقوله لا يسلم مني البعير معناه أنه يذبحه ويطعم نداماه وضيوفه.
1 / 12