وقد تنوعت تصانيف أئمة السلف في الزهد ورقائق القلوب مثل كتاب الزهد لعبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح وأحمد بن حنبل وأبي داود السجستاني وأبي حاتم الرازي وغيرهم، فكانوا يحرصون أشد الحرص على ذكر آثار الصحابة والتابعين وضمّها مع أحاديث المرفوعة إلى النبي ﷺ لعلمهم أن العبادات لا تقبل إلا ما جاء عنهم.
بخلاف المتنسكين بالتزهد البدعي فإنهم يعظّمون شيوخهم ويتبعونهم ويُعرضون عن آثار الصحابة والتابعين، ويرققون قلوبهم بالمحدثات من العبادات كالأذكار المحدثة والسماع البدعي الذي يسمونه بالأناشيد، فأصبحت تلك شعارات الجماعات الحركية والطوائف البدعية كالتبليغية الصوفية وغيرهم.
وتلك الجماعات الحركية السياسية يجمعون بين التظاهر في التدين والحث على العبادات وبين الخروج على الحكام والأمراء وتكفيرهم، وهذا الذي أخبر به النبي ﷺ في هيئة الخوارج وأنهم لهم من النسك والعبادات مما يُغتر بهم، فقال: «يخرج فيكم، أو يكون فيكم، قوم يتعبدون ويتدينون، حتى يعجبوكم وتعجبهم أنفسهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» (١).
_________
(١) رواه ابن أبي عاصم في السنة (٢/ ٤٦١) وصححه الألباني.
1 / 6