وبينما كان الناس في سكوت عميق، إذا بمعاز الضيعة في ذلك الزمان يدخل، وهو يعرج على الجانبية، فهاله منظر الجماعة في ذلك اليوم العرمرم،
16
يوم أحد الوردية الكبيرة. رأى نسيبه خوري الضيعة في ثيابه الكهنوتية، وخصوصا الغفارة التي لم يرها من قبل، وهو منتصب على المذبح، فتهيب المعاز الموقف وصاح: صبحك بالخير يا جوز خالتي خوري بطرس، الله معكم يا جماعة.
فتعالى الضحك، وحاول الخوري ألا تبرز ابتسامته كل البروز، فقال للرجل بنكتة بسيطة: أهلا وسهلا. تفضل اقعد، واسمح لزوج خالتك أن يكمل كلامه.
ثم استطرد قائلا: فمن أين جاء الشر، وماذا غير الضيعة هذا التغير؟ لا المعاز يرد طرشه عن الزيتون، ولا البقار يعف عن الزروع، ولا الحطاب يرحم الشجرة المسكينة ... حتى ولا الذي جلبنا له الحرم؛
17
لأنه يلفي على زوجة فلان، ارتدع وتاب، فحش وفجور وسكر، وقطع أشجار وخلاف على القبور، ودق الجرس وعصا النطارة.
يا بحر الله خذ عبد الله.
أولادي الأعزاء.
رعيتي كانت آباء قديسين فصارت قرودا وشياطين. يا ربي أستغفر الله، نزل إلى رعيتي وحش من الجرد، وطلع إليها تنين من البحر، وصار كل واحد منهم يحر في الضيعة حتى صيروها مثل جهنم الحمرا ...
Página desconocida