آخر مرة سلمها إلى المختار، ثم استعادها منها، وقال: اندهوا
10
خوري مسرح، هذا أخو قرياقوس، كثير الاعتراض.
فضحك قرياقوس، وقال: هذا خوري لا تقدر تمد يدك إليه.
فأجاب الآغا بنكتته المعهودة: أنا أعرف شغلي، إذا كان رأسه مكرسا فقفاه غير مكرس.
فقال أحد الذين لهم دالة على الآغا: المقرود جناب الآغا دارس اللاهوت.
11
فأعجبت الآغا كلمة جناب، وإن آلمته كلمة المقرود، ولكنه قال: أنا تلميذ عين ورقه، ولولا القليل كنت خوري، ثم تحلحل عن كرسيه، وقال بابتسامة صفراء: خلصونا، حميت علي الشمس، صار الظهر وعندي تحصيل ديون أكثر من ألف عسملية، علينا أن نلحق الناس في بيوتها.
ولو عرفت أن الآغا كان يحصل ديون الدفاتر والقرضة والسندات بموجب قائمة من القائمقام، يزيد عليها «المحصول» الباهظ، ولو عرفت كيف كان الآغا يحمد هذا العمل ويعده توفيرا على الناس وتخميرا لما في جيوبهم من فلوس؛ لصدقت أنه يقول الحق. فالآغا يزعم أنه يحصل الألوف في ظرف جمعة، ويريح المديونين من المحاكم وجلساتها ومصاريف المحاماة ونفقات الانتقال لقاء محصول زهيد يقتسمه هو والقائمقام، قرشان ونصف بالمائة، وكان الله يحب المحسنين.
ولما هدأت المعركة، واستقر كل شيء، قال الآغا: بعد أسبوع يا مختار نحظى بلقياكم لقبض ما تحصل من مال الميرة، وجمع الباقي من الأهالي، فالأحسن يا صحابي الذين بيني وبينكم خبز وملح أن تدفعوا قبل حضوري؛ فتوفروا الدجاج والشعير الذي نعلقه لدوابنا، عدا الضرب والإهانة وتحصيل الجزاء.
Página desconocida