Farah Antun: su vida, su literatura y extractos de sus obras
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
Géneros
شهرة شكسبير في العالم ومناظروه
وإذا كان في العالم كاتب يصدق فيه قول شاعرنا العربي:
لا يعرف القوم الفتى إلا إذا
قضى فيعطى حقه تحت الثرى
فإنما ذلك الكاتب هو وليم شكسبير؛ صاحب الترجمة، فإن مناظريه من الكتاب لم يعرفوا له فضلا كبيرا في حياته؛ لأنهم أخذوا عليه الابتداع في التأليف وترك الاتباع. ومما كانوا يأخذونه عليه عدم مراعاته وحدة السياق في رواياته، وما دروا أن ذلك الاختلاف كان سرا من أسرار نجاحها، وهكذا الناس في التأليف وسواه، متى كانوا لا يحسنون الابتداع لضعف قواهم، أو لألفة أذواقهم للقديم البالي، انقلبوا على المبتدع ونادوا بفضيلة الاتباع.
ولكن شمس شكسبير لم يطل انحجابها بهذه السحب في إنكلترا أكثر من قرنين، فإنه ما أتى آخر القرن الثامن عشر حتى سكتت جميع أصوات المنتقدين، ولم يبق غير المعجبين والمستحسنين، وبذلك انتصر اسم شكسبير انتصارا تاما.
أما أوروبا فإنها كانت أسرع من إنكلترا في إعطاء شكسبير حقه؛ ففي عام 1614؛ أي قبل وفاته بسنتين، انتشرت شهرته في ألمانيا. وفي عام 1767، وضع لسنغ فوق كورنيل وراسين اللذين كانت أوروبا تعجب بهما في ذلك الزمان. وفي عام 1762 ترجم ويلند كل رواياته، واقتبس منها «كوث» المشهور في سنة 1801 رواية روميو وجوليت، وأخذ شيلر رواية مكبث، وكتب هنري هين كتبه عن «أبطال روايات شكسبير». أما فرنسا فقد كان فولتير أول مترجميه فيها سنة 1731، وقد قال في الكلام الذي بسطه للجمهور الفرنسوي عنه: «إنه كورنيل لندن، ولكنه مجنون كبير، ومع ذلك فله أقوال بديعة في غاية السمو.» أما شاتوبريان فإنه كان يقول إنه لا «يذوقه»؛ أي لا يستحسنه.
ولكن لما جاءت مدام دي ستايل وقالت ما قالته عنه، انتصر اسم شكسبير، وأقبل الجمهور الفرنسوي عليه. وقد أجمع الناس اليوم على أن شكسبير أعظم مؤلفي الروايات في العالم، والصفة التي يميزونه بها عن باقي المؤلفين ما ظهر منه من سعة الاطلاع في كل شئون الحياة. فإذا مثل ملكا مثلا عرف ما يختلج في نفس الملك، وإذا مثل صعلوكا عرف ما يناجي الصعلوك به نفسه. وقس على ذلك باقي حالات البشر من الحب والبغض، والرذيلة والفضيلة، والحلال والحرام، والغنى والفقر، وكل ذلك مكتوب بأسلوب يسحر الألباب. وبذلك كان لشكسبير تأثير عظيم في فن الروايات، وفي الحركة الأدبية في جميع أقطار العالم، لا في إنكلترا فقط . وقد نقلت بعض رواياته إلى اللغة العربية. (3) هل كان باكون كاتب روايات شكسبير؟
ولكن كأنه قدر لشكسبير ألا يكمل مجده أبدا، فإنه قام منذ مدة عدة من أنصار باكون يزعمون أن الروايات التي تقدم ذكرها ليست من تأليف شكسبير، وإنما كان هذا ممثلا لها فقط، وإذا سألتهم: فمن ألف إذا تلك الروايات البديعة؟ فإنهم يجيبون أن مؤلفها هو الفيلسوف باكون.
وبناء على ذلك تألف في إنكلترا حزبان عظيمان أكبر من حزبي المحافظين والأحرار: أحدهما ينتصر لباكون، والآخر ينتصر لشكسبير، ولكن أنصار شكسبير أشد غضبا، وأنكى سهاما، وأفرغ صبرا من رفاقهم الباكونيين؛ لأن هؤلاء هم المهاجمون.
Página desconocida