Farah Antun: su vida, su literatura y extractos de sus obras
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
Géneros
فحينئذ خرج من فم الوحش البشري القادم وفي يده بندقيته صوت أجش سمعه القارئ قبل الآن في رأس القضيب؛ وهو صراخه: الوحش! الوحش! الوحش! ثم إنه سدد بندقيته نحو مخلوف ليطلقها عليه.
فعلم سليم وكليم أن صاحبهما ملك رأس القضيب سيقتل مخلوفا ولوقا معا إذا لم يدخلا بينهم؛ لاعتباره أن مخلوفا ظالم ومعتد، كما كان يقتل الحيوانات التي تعتدي على رفاقها، فدخل سليم وكليم حينئذ بين الفريقين، وواريا مخلوفا ولوقا وراءهما، وصاح كليم: يا عم دعه؛ فنحن نؤدبه ونأتيك به.
وكان مخلوف وخصمه يتصارعان حينئذ بقوة هائلة، والناس لا يجسرون على الدنو منهما للدخول بينهما، ولكن حانت من مخلوف التفاتة فأبصر ذلك الوحش البشري ينظر إليه وبندقيته مسددة نحوه، فانتبهت فيه عاطفة الحرص على البقاء، فترك خصمه وخطا خطوتين نحو الشيخ الهائل غضوبا، فتبعه سليم وكليم لئلا يقتله الشيخ، ولكن ما تقدم مخلوف بضعة أمتار حتى وقف مدهوشا هذه المرة أيضا، وصرخ صرخة دوت لها الجبال، ثم هجم على الشيخ صائحا: متى حاروم، متى حاروم ... جئت في وقتك ... وفي يدك بندقيتك ... انظر صاحبك لوقا طمعون ...
فلما سمع الشيخ الهائل اسم لوقا طمعون ظهرت الرعدة في جسمه، وجحظت عيناه، واصطكت ركبتاه، فهجم كالذئب نحو لوقا، وإذ عرفه زمجر كالأسد صائحا: يا لعيني إميليا ... حقا لقد انتهى ... ثم سدد البندقية نحو لوقا وأطلق نارها عليه.
فصاح سليم وكليم وهجما نحوه، ولكن - من حسن الحظ - لم ينطلق الرصاص؛ لأن الضباب كان قد رطب بيت البارود.
فحينئذ ألقى الشيخ بندقيته وهجم على لوقا طمعون، فتبعه مخلوف هاجما لهجومه.
فكل من رأى ذئابا تهجم، وأسودا تثب، وضباعا تغضب يمكنه أن يتصور هجوم هذين التعيسين على ذلك التعيس.
فصاح كليم وسليم بالجموع التي كانت تنظر إليهم من بعيد: إلينا يا شباب ساعدونا، فهذا وقت المروءة. فهجم الناس لمساعدتهما، ولكنهم لم يستطيعوا الفصل بين المجنونين وفريستهما إلا بجهد شديد، فذهب لوقا طمعون نحو خيام المستر كلدن والدماء تسيل من وجهه، والجماهير تتبعه ليغسل جروحه. أما مخلوف والشيخ فقد أدركتهما نوبة الجنون حنقا لعجزهما عن خنق الخصم، فسقطا على الأرض مصروعين بلا حراك، فقيدهما سليم وكليم لئلا يضرا نفسيهما، ثم نقلاهما إلى الغرفة المقابلة للكنيسة وأقفلا الباب.
هذه هي الحادثة التي كانت سببا في الجلبة التي سمعها المستر كلدن بينما كان يحادث امرأته. (15) ذئب لدى لبوة
موقف حرج
Página desconocida