Cimabue
ودوتشو
Duccio
هما آخر الممثلين العظام في الغرب للتقليد الأعظم؛ التقليد الذي يولي الجوهري كل شيء ولا يولي العرض شيئا؛ فمع دوتشو على كل حال كان حس الشكل تقليدا بقدر ما هو حيوي: وشيمابو هو «فان دي سيكل»
Fin de siècle ،
25
يقولون إن شيمابو مات في 1302م، ودوتشو بعد ذلك بخمسة عشر عاما، ومع جوتو (ولد في 1276م)، وهو فنان أعظم من كليهما، ندور حول مفرق حاد بقدر حدة المفرق الذي ذرعناه قبل ذلك بمائة عام مع ابتكار العمارة القوطية في فرنسا، ربما يكون جوتو من الطبقة الثانية عن عمد؛ فقد كان بوسعه أن يضحي بالشكل من أجل الدراما والحكاية، صحيح أنه لم يتخل عن الجوهري قط ولكنه كان ينتقص من أركانه أحيانا، لقد كان دائما مشغوفا بالفن أكثر من شغفه بسانت فرنسيس، ولكنه كان ينسى أحيانا أن سانت فرنسيس لا صلة له البتة بالفن. ذلك شيء صحيح نظريا إلى حد كبير؛ فالبيزنطيون كانوا يعتقدون أنهم أكثر اهتماما باللاهوت الدوجماتي منهم بالشكل، وما من فنان عظيم إلا كان يضمر شيئا من ذلك. الحق أنه ليس أخطر على الفنان من أن يعمد عن وعي إلى إغفال كل شيء عدا الفن؛ فأن يعتقد الفنان أن فنه معني بالدين أو السياسة أو الأخلاق أو السيكولوجيا أو الحقيقة العلمية ذلك خير؛ إذ يحفظ عليه حيويته وانفعاله وعافيته، ويعصمه من النزعة الجمالية العاطفية، ويجعل في يده مشكلة فنية ملائمة، ولكن على الفنان أن ينسى كل هذه الأشياء، وعجزه عن نسيانها بالسهولة التي ينسى بها صائد السلمون غداءه هو طامة كبرى. لم يكن جوتو ينسى بسهولة؛ فهناك جداريات نجد فيها أن جوتو إذ يفشل في الإمساك بدلالة شكل ما فإنه يدعها تقرر حقيقة أو تقترح موقفا. بلغ جوتو أعلى مما بلغ شيمابو ولكنه كثيرا ما كان يهدف إلى الأدنى، قارن لوحته «العذراء والطفل» في الأكاديمية بلوحة شيمابو في صالة العرض نفسها ولسوف ترى كم أمكن لإنسانيته أن تهبط به. أما الثقل الفظ لأشكال تلك المرأة وطفلها فهو أمر لا يخطر لشيمابو لأنه تعلم من البيزنطيين أن الأشكال ينبغي أن تكون دالة لا أن تكون شبيهة بالحياة، لا شك أنه كان في ذهن كليهما شيء ما إلى جانب الاهتمام بالحبكات الشكلية، إلا أن جوتو سمح لذلك «الشيء ما» أن يطغى على تصميمه، بينما ألزم شيمابو تصميمه أن يطغى عليه، ثمة شيء يقال اعتراضا على صورة جوتو، لقد كان مؤرقا بعنف بهاجس أن بشرية الأم والطفل هي المهم فيهما، فأصر عليه بحيث أضر فنه، لم يقو شيمابو على مثل هذا الابتذال ، اعقد المقارنة إذن فهي مفيدة ومرشدة، ثم اذهب إلى سانتا كروس أو أرينا شابل واعترف أنه إذا لم يكن أعظم اسم في التصوير الأوربي هو سيزان فإنه جوتو.
من القمة التي هي جوتو يهبط الطريق ببطء ولكن بثبات، يتزعم جوتو حركة نحو المحاكاة والصنع العلمي للصورة، مثل عبقريته كان مقدرا لها أن تكون السبب في حركة، ولكن لم يكن متعينا عليها بالضرورة أن تكون سبب هذه الحركة، ولكن روح أي عصر من العصور أقوى من أصداء التقليد مهما بلغت عذوبتها، وقد اتجهت روح ذلك العصر، مثلما يعلم كل محاضر تعليم مفتوح، شطر «الحقيقة» و«الطبيعة»، بعيدا عن النشوات الفائقة للطبيعة. ثمة لحظة تبدأ الروح فيها تتوق إلى «الحقيقة» و«الطبيعة»، إلى الطبيعية
naturalism
ومظهر الصدق
Página desconocida