3
نصادفه عرضا هنا وهناك، هو معنى غير إستطيقي، ولست بحاجة لذكر الاستخدام الأسوأ للكلمة، كما يتجلى في هذرنا عن «صيد جميل» و«ركلة جميلة»، فبوسع السراة من الناس أن يردوا بأنهم لا يبذلونها بهذه الطريقة أبدا، وإذا كنا في هذا المقام بمأمن من الخلط بين الاستخدامين الإستطيقي وغير الإستطيقي لكلمة «جميل»
beautiful ، فإن خطر الخلط قائم عندما يكون حديثنا عن امرأة جميلة، عندما يتحدث الرجل العادي عن امرأة جميلة فمن المؤكد أنه لا يعني بذلك أنها تحرك مشاعره الإستطيقية فحسب، أما عندما يصف فنان امرأة ذاوية شمطاء بالجمال؛ فإنه قد يعني أحيانا الشيء نفسه الذي يعنيه عندما يصف جذع تمثال معطوبا بأنه جميل، وقد يصف الرجل العادي، إذا كان ذا ذوق أيضا، جذع تمثال معطوبا بأنه جميل، ولكنه لن ينعت بالجمال امرأة ذابلة شمطاء؛ ذلك أنه لا يفرد نعت الجمال لتلك الخاصية الإستطيقية التي قد تتحلى بها العجوز الشمطاء وإنما لخاصية معينة أخرى، والحق أن معظمنا لا يرد بخياله على الإطلاق أن يقصد إلى إخوانه من البشر ابتغاء انفعال إستطيقي؛ فالذي نبتغيه من الناس هو شيء مختلف تماما، ونحن عندما نجد هذا «الشيء» في امرأة شابة نميل إلى أن نسميه «جمالا»، إننا نعيش في عصر رقيق وكلمة «جميل» عند رجل الشارع هي في أغلب الأحوال مرادفة لكلمة «مرغوب»
desirable ، وهي في أغلب الأحوال لا تحمل أي دلالة إستطيقية البتة، وإنني أميل إلى الاعتقاد بأن النكهة الجنسية للكلمة أقوى في أذهان الكثيرين من النكهة الإستطيقية. لقد لاحظت اتساقا منطقيا في رأي أولئك الذين يرون أن أجمل الأشياء جميعا في الدنيا هي امرأة جميلة، وأن الشيء الذي يليه في الجمال هو صورة لإحدى النساء؛ فالخلط بين الجمال الإستطيقي والجمال الجنسي في حالة هؤلاء ليس خلطا كبيرا كما قد يبدر إلى الظن، وربما لا يوجد أي خلط؛ ذلك أنهم ربما لم يجربوا في حياتهم انفعالا إستطيقيا واحدا حتى يختلط مع بقية انفعالاتهم. الفن «الجميل» عند هؤلاء هو في عموم الأحوال وثيق الصلة بالمرأة؛ فالصورة الجميلة هي صورة فوتوغرافية لفتاة حسناء، والموسيقى الجميلة هي الموسيقى التي تثير انفعالات شبيهة بتلك التي تثيرها النسوة الشابات في المسرحيات الهزلية الاستعراضية
musical farces ، والشعر الجميل هو ذلك الشعر الذي يستدعي نفس العواطف التي كانوا يحسونها منذ عشرين عاما تجاه ابنة القس. من الواضح أن كلمة «جمال» تستخدم لتدل على الموضوعات الخاصة بانفعالات متميزة تماما، وهو مما يجعلني أحجم عن استخدام مصطلح حري بأن يوقع ضروبا محتومة من الخلط وسوء التفاهم بيني وبين قرائي.
ومن ناحية أخرى، هناك من يرون أن من الأصوب الأدق أن نطلق على هذه الضروب من التضام والترتيب الشكلي التي تثير الانفعالات الإستطيقية اسم «العلاقات الدالة للشكل» بدلا من «الشكل الدال»، وعندئذ يحاولون الإفادة القصوى من عالمين، العالم الإستطيقي والعالم الميتافيزيقي، بتسمية هذه العلاقات «الإيقاع»
rhythm ، ومع هؤلاء لست على أدنى خلاف؛ فأنا على استعداد، بعد أن أوضحت أني أعني بالشكل الدال تلك الترتيبات والتضافرات التي تحرك مشاعرنا بطريقة معينة، أن أمد يدي إلى أولئك الذين يفضلون أن يضعوا اسما مختلفا لنفس الشيء.
تتمتع فرضية «الشكل الدال بوصفه الخاصية الجوهرية للعمل الفني» بمزية يفتقر إليها كثير من الفرضيات الأكثر شهرة وإثارة - وهي أنها تسعفنا بالفعل في تفسير أمور كثيرة؛ كلنا مثلا نألف لوحات تثير اهتمامنا وإعجابنا دون أن تهزنا كأعمال فنية، تحت هذه الفئة من اللوحات يندرج ما أسميه «التصوير الوصفي»
Descriptive Painting ؛ أي ذلك الصنف من التصوير الذي يستخدم فيه الشكل لا كموضوع للانفعال بل كوسيلة لنقل معلومات واقتراح عواطف، في هذا التصنيف تدخل البورتريهات
4
Página desconocida