correlatives
يأخذ كل منهما من الآخر حقيقته ومعناه، بل إن البشر جميعا في اللحظة الإستطيقية يغدون ذوبا من تضايف عام وامتزاج كلي.
إن الفن يطلعنا على دينامياتنا النفسية وديناميات الآخرين، ويعتقنا من مركزية الذات
egocentrism
ويؤهلنا للمواجدة
empathy ؛ أي القدرة على اتخاذ الإطار المرجعي للآخرين بسهولة ويسر، ومشاركتهم وجداناتهم مشاركة حقيقية مبرأة من إسقاطاتنا الخاصة، الفن هو أقدر صنوف النشاط البشري تعبيرا عن التواصل بين الأفراد وبين الأجيال وبين الأمم؛ لأن الوجد الإستطيقي لا يحده الزمان ولا ترده التخوم الجغرافية، إنه انعتاق من كل صنوف المركزية وانطلاق من كهوف التحيز والتعصب والتحزب، وأذان للأرواح بأن تنعطف وتأتلف وتتقاسم رحابة الوجود.
والفن بوظيفته المعرفية التي أشار إليها بل وسوزان لانجر وهربرت ريد وغيرهم يفتح لنا مغاليق العالم الوجداني، فإلى جانب العلم الذي يزيد من تمكننا الفكري والتصوري للعالم، فإن الفن يزيد من تمكننا الإدراكي والانفعالي؛ فبفضل كتاب من طراز شكسبير وبروست أمكننا أن نفطن إلى دقائق سيكولوجية ما كان لنا أن نراها، وبالتالي نحسها، لولا قدرتهم على اقتناصها والتعبير عنها، وبفضل مصورين من طراز سيزان ومانيه تعلمنا كيف ننظر إلى الأشياء ونلاحظ العالم، وكيف ننتشي بالتحامنا بالوجود والتقائنا بماهية الأشياء.
ولا يفوتنا في هذا المقام أن ننبه إلى أن التماس أي منفعة للفن من طريق آخر غير الدلالة الإستطيقية هو إبطال للفن ونفي لماهيته ذاتها؛ فالفن الدعاوي والإرشادي والتزييني ليس فنا، بل تناقض ذاتي ، شأنه شأن «النقطة الممتدة» أو «المربع المستدير»، والإصرار على توظيف الفن لخدمة أغراض حياتية مباشرة هو خسران لوظيفة الفن الحقيقية التي لا يقدر على الاضطلاع بها أي نشاط آخر، وتحميله في الوقت نفسه دورا تستطيع مرافق أخرى - كالإعلام والفكر والسياسة والجامعة ومراكز البحث - أن تقوم به على نحو أفضل.
قيمة القيم
يقولون ما فائدة نظرية علمية بلا تطبيق عملي فهي تئود الذهن ولا تريح الكاهل؟ وما فائدة نغمة لا تغمس لقمة ... وكلمة لا تدفع نقمة؟
Página desconocida