قال سونبين: لا يغتر في ساحة المعارك إلا قائد جاهل غير بصير، ولا يتيه صلفا إلا قائد جبان [أو: ... من لا يقدر العواقب، ينطلق إلى القتال بكل خيلاء] إن من أعوزته التجربة والعلم وفنون القتال، لا بد سيعلق كل آمال النصر على المصادفات. (إلا أنه) لا مفر لمن أراد استتباب الأمن وتوطيد قواعد المجد، وحماية سلام وطنه وشعبه من أن يملك ناصية الحرب ويجيد أصول القتال، وينبغي لمن سلك سبيلا إلى قواعد الحرب أن يدرس (بادئ ذي بدء) علوم الفلك (ثم يثني عنانه إلى ...) علوم الجغرافيا وطبيعة الأرض، ولا بد له كذلك من أن يحظى بدعم ومساندة وثقة مواطنيه (في الداخل)، بالإضافة إلى فهم واستيعاب حقائق أحوال أعدائه (فيما وراء حدود الوطن). وإذا كان بصدد الاستعداد لتشكيل قتالي، فلا بد من أن يلم بمبادئ وأساسيات استخدام القوات وتوزيعها، فلا يدخل حربا إلا إذا رجحت لديه كفة النصر، أما إذا لم تتوافر لديه الثقة في الغلبة فسيعدل عن خوض القتال. إن مثل ذلك القائد، هو وحده الذي يملك - عن جدارة - المزايا التي تؤهله ليكون عونا للأباطرة في تدعيم قواعد استقرار الأوطان وتوطيد أسس أمنها وسلامتها. [وفي الجزء الثاني من هذا الفصل، يقول سونبين: «إن طرق توزيع ونشر واستخدام القوات يجب أن تتفاوت حسب طبيعة أرض وظروف المعركة، بمعنى أنه من الضروري أن يتم توزيع القوات بما يتلاءم مع طبيعة الأرض. (واعلم) أن القوة العسكرية يتم تقسيمها إلى ثلاث قطاعات، يحتوي كل منها على طليعة، وكل طليعة تتبعها قوة خلفية، وفي كل الأحوال، فلا ينبغي أن تتحرك القوات إلا حسب الأوامر.]
يتم دفع ثلث القوات إلى الاشتباك على أن يقوم ثلثا القوة بحماية الخطوط القاعدية باعتبارها قوات للاحتياطي، فيدفع إلى الهجوم بثلث القوة بينما يبقى الثلثان في المؤخرة. وإذا كانت قوات العدو بادية الضعف وصفوفه مرتبكة، فيتم دفع أفضل القوات لاستغلال ثغرات ضعفه ومهاجمته، أما إذا كانت قواته قوية دقيقة التنظيم عالية الكفاءة والانضباط، فيتم دفع قوات ضعيفة لاستدراجه.
عند اشتراك الفرسان والعربات الحربية في التشكيلات المقاتلة، يجري تقسيمها أيضا إلى ثلاثة أقسام: الميسرة، والميمنة، والمؤخرة، مع ملاحظة استخدام العربات الحربية على الأراضي السهلية المنبسطة، أما الأراضي الوعرة وغير الممهدة، فالأنسب لها قوات الفرسان. هذا، ويستخدم الرماة لدى المنحدرات الشاهقة والمواقع الكائنة في مناطق ممتنعة، وفي كل الظروف وسواء أكانت أرض المعارك سهلية مستوية أو غليظة حزنة، فلا بد من التمييز بين المناسب فيها للقتال وغير المناسب [حرفيا: التمييز بين الأرض «الحية»، و«الميتة»]، بحيث تستغل الأولى لتوزيع القوات عليها، بينما تتم منازلة العدو وهو على الأرض (الميتة) غير الملائمة للقتال.»
مائتان وأربعون
توزيع التشكيلات
2
الفصل الثامن
أهمية أرض العمليات1
قال سونبين: «تنقسم الخصائص العامة لأرض العمليات إلى: الجزء المواجه للشمس، وهو (ما أعتبره) الجانب الخارجي، والجزء الآخر المظلل، وهو (ما أعده) الداخلي، والطرق الرئيسة (التي تبدو على مثال المبادئ الأساسية) والطرق الصغرى (بوصفها الخطوط الثانوية الفرعية)، (واعلم ...) أن من يفهم خصائص وسمات هذين النوعين من الطرق، فسيمسك بناصية [التكتيك؟] فن استخدام القوات وتوزيع التشكيلات، بكل ثقة واقتدار.
إن الطرق الكبرى هي الأصلح للعمليات، لكن الدروب والمسالك الضيقة المتعرجة كثيرا ما تعوق التحركات العسكرية، ومن الأشياء التي ينبغي ملاحظتها والحرص عليها: درجة سطوع الشمس فوق مسرح العمليات، واتجاه الرياح وقوة اندفاعها، ومدى التغير الذي يطرأ عليها، فتلك نقاط تستدعي عظيم الانتباه دون إغفال أو تقصير.
Página desconocida