وقد يولد الشخص وفي دماغه شيء من النقص، فيعيش مختل العقل كل عمره ، وقد يعجز الطب عن علاجه.
خامسا:
بعض العقاقير تفعل في بعض خليات الدماغ «أفعالا خاصة»، فتجعل بعض الأفعال العقلية مضطربة أو شاذة كالخمرة والحشيش مثلا، وظواهر أفعالها معروفة، وهناك عقار يدعى سكوبولامين
Scopolamin
يؤثر في بعض مراكز الدماغ، فيعرض الشخص إلى فضح أسراره.
فيما تقدم كفاية على أن الأفعال العقلية إنما هي أفعال خلايا الدماغ، وما نسميه عقلا ليس إلا مجموعة هذه الأفعال، تصدرها وظائف المراكز الدماغية، فمتى توقفت حركات الدماغ بسبب النوم أو التخدير أو المرض أو الموت لا يبق شيء يدعى عقلا.
إن كان العقل ذاتا مستقلة عن الجسد والدماغ، فأين يذهب بجميع قواه أو خواصه في حالة النوم أو التخدير، ثم يعود عند الصحو؟
فإذا سلمنا أن الروح هي العقل نفسه؛ فإذن هي فانية بتوقف الحياة وبفناء الجسد؛ لأن الأفعال العقلية تتعطل بتعطل فاعلها، والروحانيون لا يسلمون بفناء الروح. (1-4) أيثرية الروح
يزعم بعض الروحيين أن للإنسان جسما أيثريا مندغما في جسده المادي، حتى إذا تعطلت حياة الجسد المادي - بالموت - انسلخ منه الجسم الأيثري واستقل عنه، وهذا الجسم الأيثري هو الروح.
فما هي خواص هذا الجسم الأيثري، إذا كان هو الذاتية التي تبقى للإنسان بعد موت جسده؟ فهل يتقلد هذا الجسم وظائف دماغ الجسد العقلية؟ وكيف يمكن ذلك؟ وقد ظهر لنا من البحث الآنف أنه حيث لا دماغ مادي فلا يوجد عقل بتاتا؛ لأن العقل ليس ذاتا بل هو عمل، فلا تفكير ولا تذكر ولا استنتاج ولا غير ذلك مما نسميه قوى عقلية - أو على الأصح تسمى أفعالا عقلية - إذن، ذلك الجسم الأيثري ليس إلا هيكلا يبقى بعد الجسد، كما يبقى الهيكل العظمي بعد بلى اللحم والدم - هذا إن صح أن له وجودا، ولا برهان عندنا أن له وجودا.
Página desconocida