فانظر ما أعجب عمل الألفة الكيماوية في العناصر الأربعة التي تكونت منها ملايين أصناف الأحياء وعشرات ألوف أنواع الجزيئات. بل ما أعجب فعل الكربون الذي هو واسطة الائتلافات العديدة بين العناصر الأربعة. وانظر الفرق العظيم بين التجمعات المادية والتجمعات الحيوية.
وما دمنا نجهل ماهية هذه «القوة الحيوية» ولا ندري إلا أن ظاهرات
الحياة هي ظاهرات كيماوية بحتة؛ فيحق لنا أن نزعم أن مبدأ الحياة هو في كيمياء الكربون مع شركائه العناصر الثلاثة الأخرى، وسيطرته عليها في تأليف البروتايينات والدهنيات والكربوهيدرات، فسر الحياة كيماوي خاص بالكربون وإخوانه. هذه مزية للكربون ليست لغيره من العناصر الأرضية، كما أن المغنطيسية مزية للحديد ويجاريه - في ترتيب العناصر - الكوبلت والنكل - وهما أضعف منه مغنطيسية. وكما أن الإشعاع
Radioactivity
مزية العناصر العليا - أسرة الراديوم.
فكأن الطبيعة منحت بعض العناصر هذه الخواص الثلاث الممتازة: الحياة، المغنطيسية، الإشعاع، وهي أهم ظاهرات الطبيعة وأعظمها عجبا، وبها تتجلى لنا الطبيعة في هيكل جلالها وهيبتها.
الفصل السادس
مقام الحياة في الكون
(1) هل الحياة غاية الوجود؟
كان الفلاسفة والعلماء المفكرون حتى أواخر القرن الماضي يعتقدون أن سر الحياة «قوة حيوية» أجنبية عن المادة، ومسيطرة عليها، ومحدثة العمليات الكيماوية التي تحدث في كل خلية مفردة أو مشتركة مع خليات أخرى
Página desconocida