La dimensión social y política en la filosofía de Ibn Sina

Muhammad Yusuf Musa d. 1383 AH
62

La dimensión social y política en la filosofía de Ibn Sina

الناحية الاجتماعية والسياسية في فلسفة ابن سينا

Géneros

في هذه الفكرة، فكرة مشاركة الغريب للجاني في تحمل غرامة جنايته، نرى تأثر ابن سينا بالفقه الإسلامي واضحا؛ ففي «ابن عابدين» (المرجع السابق ذكره)، ج5 ص562-567، من طبعة القاهرة عام 1299ه، نجد أن عاقلة المرء هم أهل ديوانه جنديا كان أو كاتبا، أو قبيلته وأقاربه ومن يتناصر بهم إن لم يكن من أهل الديوان، وأن على العاقلة كل دية وجبت بنفس القتل، تؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين، وانظر أيضا «الزيلعي» (المرجع السابق ذكره)، ج6، 176-180. (5)

هذه الصناعات، حسب تعبير الشيخ الرئيس، التي رأى أن على المشرع تحريمها، نجدها محرمة طبعا في الشريعة الإسلامية (ينظر القرآن أو أي كتاب من كتب الفقه)، لما فيها من مضار خطيرة تصيب المدينة والأمة. ونشير هنا إلى أن أرسطو رأى في المقالة الأولى من كتاب السياسة أن الربا، من بين هذه الصناعات، أبشع الوسائل غير الطبيعية لكسب الثروة، وأنه لهذا عقيم لا ينتج منه خير. (6)

تشدد ابن سينا في الزواج وإيجاب إعلانه، لما ذكره من أسباب، من الأمور التي أكدتها كل الشرائع السماوية، انظر فيما يختص بالشريعة الإسلامية «ابن عابدين» (المرجع السابق ذكره) ج2، 382، حيث يذكر أن التزوج فرض عند تيقن الزنا، وواجب عند التوقان، وص383 حيث يذكر أنه سنة مؤكدة عند الاعتدال ، ومكروه عند خوف الجور، وحرام عند تيقنه، ويندب إعلانه للناس. وانظر أيضا «الزيلعي» (المرجع السابق ذكره) ج2، 94 و95 و98 في إعلان الزواج والإشهاد عليه. (7)

هنا يمس الشيخ الرئيس مسألة هامة لها خطرها في كل آن ، وتثور من أجلها هذه الأيام مناقشات عنيفة من وقت لآخر، نعني بها مسألة مساواة المرأة للرجل، أو أنها أدنى منه مرتبة لهذا السبب أو ذاك. ولسنا نتعرض هنا لهذه المشكلة من ناحية ترجح أحد الجانبين، ولكنا فقط نشير إلى أن أرسطو - في المقالة الأولى من كتاب «السياسة» التي تكلم فيها عن تدبير المنزل وجعلها مقدمة لدراسة الدولة - يرى أن المرأة أقل عقلا من الرجل؛ ولذلك يكون إليه أمور المنزل والمدينة، وإليها هي أمور المنزل والأولاد تحت عنايته وإشرافه. والشأن كذلك في كتب الشريعة الإسلامية، بل في القرآن نفسه والحديث، ولسنا في حاجة للإشارة إلى مراجع في هذا، فالأمر واضح كل الوضوح.

على أن ابن سينا يتخذ من كون المرأة «واهية العقل» سببا لجعل الطلاق بيد الرجل وحده حتى لا تلجأ إليه كثيرا إن كان بيدها، بينما الشريعة الإسلامية أجازت للرجل أن يملكها الطلاق بأن يشرط لها هذا في عقد الزواج، وكذلك للقاضي أن يطلقها على الرجل بشروط خاصة وفي حالات خاصة، مثل حالة عدم استطاعة الزوج الإنفاق عليها، أو حالة ما إذا كان سيئ الخلق والعشرة معها. انظر «ابن عابدين» (المرجع السابق ذكره)، ج2، 514 وما بعدها وص711، و«الزيلعي» على «الكنز»، ج2، 188 و219 و222 و225. (8)

الذي يشير إليه الشيخ الرئيس هنا من التشديد في أمر الطلاق نراه في كتب الفقه الإسلامي، ففي كتاب «فتح القدير» للكمال بن الهمام المتوفى عام 861ه، الطبعة الأولى بالمطبعة الأميرية ببولاق بالقاهرة عام 1316ه، ج3، 21؛ أن من أسباب الطلاق تباين الأخلاق وعروض البغضاء بين الزوجين التي تجعل العشرة الطيبة بينهما متعذرة أو فيها عسر شديد، وفي ص22 منه أن من محاسن الطلاق التخلص من المكاره الدينية والدنيوية. ونجد في كتاب «ابن عابدين» (المرجع السابق ذكره)، ج2، 450 و451، أن الطلاق محظور إلا لحاجة كريبة، وكبر سن، وتباين أخلاق، وعروض بغضاء موجبة لعدم إقامة حدود الله، أو أن تكون المرأة مؤذية للزوج أو لغيره، أو أن يكون في عدم الطلاق فوات الإمساك بمعروف كما لو كان الزوج خصيا أو عنينا أو مؤذيا. (9)

ما يتكلم عنه فيلسوفنا هنا من وجوب نفقة الزوجة على زوجها حتى تكون مصونة في دارها، ويتبع ذلك طبعا أن تكون نفقة الأولاد على أبيهم، ومن وجوب جعل تربية هؤلاء بين الأب والأم معا؛ كل هذا نجده مفصلا في كتب الفقه الإسلامي حتى لتكفي الإشارة إلى بعض المراجع الهامة. انظر «ابن عابدين» (المرجع السابق ذكره)، ج2، 698 و727 و728. وفي تربية الولد، بنتا أو ابنا، وأنها في حالة الطلاق تعطى للأم في سن خاصة ثم للأب بعد هذا السن، انظر «الزيلعي» على «الكنز» ج3، 46 وما بعدها إلى ص50، «وابن عابدين» (المرجع السابق ذكره) ج2، 686 وما بعدها إلى ص698. ومن ذلك نعرف مبلغ استلهام ابن سينا هنا أيضا للشريعة الإسلامية. (10)

المعروف من التاريخ الإسلامي من أن ولاية الخليفة كانت تكون بعهد من سابقه أو باختيار أهل الحل والعقد. وانظر في هذا كتاب «الآداب السلطانية» لأقضى القضاة أبي الحسن علي البصري البغدادي، طبع القاهرة عام 1298ه ص5، وكذلك «الإرشاد» لإمام الحرمين، نشر وتحقيق الدكتور محمد موسى والأستاذ علي عبد المنعم عبد الحميد، طبع السعادة بالقاهرة سنة 1950 ص424.

هذا ويذكرنا ابن سينا بهذه الشروط التي رأى وجوب توفرها في الإمام، بما كان يراه أفلاطون من وجوب أن يحكم الفلاسفة أو يتفلسف الحكام، للأسباب التي تحدث عنها طويلا في الجمهورية؛ مقالات 4 و5 و6 بصفة خاصة، والفارابي لم يبعد عن هذا؛ إذ يرى (آراء أهل المدينة الفاضلة، طبعة مصر السابقة الذكر، ص83-86، 57-59 من طبعة ليدن) أن الرئيس هو من جمع بين الحكمة والفيض الإلهي؛ ولذلك يكون (ص89 مصر، 61 ليدن) عالما بالشرائع والسنن، جيد الروية والاستنباط، جيد الإرشاد بالقول إلى شرائع الأولين، متميزا بالشجاعة وأعمال الحرب، ومع هذا كله حكيما.

وفي الشروط الواجب وجودها في الإمام راجع «إمام الحرمين الجويني» (المرجع السابق ذكره)، ص426-427، و«أبا الحسن البصري البغدادي» (كتابه المذكور)، ص4-5. (11)

Página desconocida