Filosofía de la ciencia en el siglo XX: Orígenes, cosecha y perspectivas futuras

Yumna Tarif Khuli d. 1450 AH
70

Filosofía de la ciencia en el siglo XX: Orígenes, cosecha y perspectivas futuras

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Géneros

J. Locke (1632-1704م). هاجم لوك القياس الأرسطي بطبيعة الحال وأشبعه تهكما وسخرية ورفض بقطع أي ادعاء بوجود أفكار مقطورة في العقل البشري ترتكز عليها المذاهب العقلية المقابلة للتجريبية. وأكد أن العقل يولد صفحة بيضاء ثم تخطها المعطيات الحسية والتجربة. ومع هذا تقدم الأسقف جورج بركلي

G. Berkeley (1685-1753م) بتجريبية ونظرية حسية في المعرفة أكثر تطرفا، تهدف إلى إثبات وجود الله، وأيضا إلى تخليص فلسفة لوك من عناصر لا تتسق مع التجريبية، فأنكر الوجود الحقيقي للمادة كجوهر مستقل، وهذا عن طريق نظرية حسية متطرفة في المعرفة، ترهن الوجود بالإدراك الحسي له، الوجود هو المدرك، فيغدو الشيء هو فقط الصفات أو الصور الحسية التي تبدو في أذهاننا عن طريق الحواس لا أكثر ولا أقل، وكل ما لا يدرك لا وجود له. ولا يعني إنكار المادة إنكارا لوجود الأشياء، فما دمنا ندرك المحسوسات لا نستطيع الشك في وجودها، إن لا مادية بركلي لا تجعل الأشياء معاني، بل تجعل المعاني أشياء، وكل شيء يدرك فقط داخل الذهن الإنساني كمحسوسات جزئية. إذن جميع معارفنا جزئية، ولا وجود للكليات، إنها مجرد «أسماء» تنطبق على جزئيات عديدة. هكذا انتهت التجريبية والمعرفة الحسية مع باركلي إلى المثالية الذاتية التي تربط الوجود بإدراك الذات له، وإلى اللامادية والاسمية. وعن طريق الألوهية يفسر باركلي تآلف الإحساسات في مجاميع واطرادها ، والمعاني ونظامها. وبقاء الله هو التأييد الوحيد لبقاء الأشياء وبقاء العلاقات بينها التي تعرض نظام العالم الطبيعي، وتغدو الطبيعة - التي يستكشفها العلم - بمثابة رسالة الله إلينا.

ولكن في هذا القرن الثامن عشر، يتزعم التجريبية الإنجليزية حقا شكاك اسكتلندا الشهير ديفيد هيوم

D. Hume (1711-1766م)، وسوف نرى لاحقا أثره الكبير على أم مشكلات فلسفة العلم: مشكلة الاستقراء، قامت فلسفة هيوم على أساس من الانطباعات الحسية وارتباطاتها. الانطباع هو الخبرة الفورية التي يمر بها الفرد حين يدرك شيئا بحواسه أو حين يعيش حالة انفعالية معينة، وعن طريق ما تخلفه الانطباعات من صور ذهنية وذكريات تتكون الأفكار. وبواسطة مبدأ تداعي المعاني السيكولوجي يرجع هيوم كل شيء إلى التجربة بمعنى الخبرة النفسية الفورية بالمحسوسات، أي الانطباعات، وأنكر هيوم كل وأية فرضية إخبارية أو عبارة متعلقة بالعالم وتكون مستقلة عن الحواس ولا يمكن ردها بشكل ما إلى الانطباعات الحسية، حتى ولو كانت هذه الفرضية هي قانون العلية المجيد الذي يقيم قائمة العلم الطبيعي آنذاك. وقد قام هيوم بالتمييز بين نوعين من المعرفة: النوع الأول هو المعارف المنطقية والرياضية، أي التحليلية التي تقتصر على تحليل الأفكار الذهنية لتحديد ما بينها من علاقات لزومية استنباطية. أما النوع الثاني فهو المعرفة المتعلقة بالإخبار عن الواقع كما تفعل العلوم الطبيعية، وهذه لا مصدر لها إلا انطباعات الحس ومعطيات التجريب. وعلى هذا ينصح هيوم القارئ أن يسأل نفسه قبل أن يتصفح كتابا: هل هذا الكتاب مبحث في العلاقات اللزومية، أي رياضة أو منطق؟ أم إن عباراته قائمة على الخبرة الحسية؟ فإذا كان الكتاب لا هذا ولا ذاك، كان ميتافيزيقا ووجب إلقاؤه فورا في النار! بهذه النصيحة الخرقاء، يجسد هيوم الروح العلمية آنذاك المقتصرة على التجريب والرافضة لأية أبعاد ميتافزيقية.

في هذه الآونة - النصف الثاني من القرن الثامن عشر - كانت تزدهر في فرنسا وألمانيا فلسفة التنوير التي مرت علينا في الفصل الأول بوصفها انعكاسا لنجاح العلم الحديث المبهر، فترفع كل وصاية عن الإنسان انطلاقا من الإيمان المطلق بقدرة العقل على فض كل مغاليق هذا الوجود لا سيما إذا استعان بالتجريب ومعطيات الحواس، فتصهر فلسفة التنوير عقلانية العلم وتجريبيته معا في إطار إيمانها الطاغي بالتقدم البشري، في طريقه الواحد والوحيد الذي يترسم بتطور الوعي الإنساني في طريق العقلانية والعلم. وعلى هذا الأساس كانت خطوط التنوير الإيجابية النيرة في الفكر السياسي والاجتماعي.

خرجت خلاصة فلسفة التنوير الفرنسية في مقالات الموسوعيين، وهم كوكبة من أقطاب الفكر الفرنسي التنويريين، أدباء وفلاسفة وعلماء، التفوا حول التنويري الرائد دينس ديدرو

D. Diderot (1713-1784م) من أجل وضع موسوعة عامة للعلوم والفنون والصنائع، تضاهي الموسوعة الإنجليزية التي لاقت رواجا تجاريا كبيرا وتقف على آخر تقدم للعلوم في العصر، خرج المجلد الأول من الموسوعة الفرنسية عام 1751م، بمقدمة عن أصل العلوم وتصنيفها كتبها العالم الرياضي دالامبير

d’Alember (1717-1783م)، وقد كان الأشد تحمسا للموسوعة ومختصا بالأجزاء الرياضية فيها، في هذه المقدمة هاجم دالامبير بضراوة الميتافيزيقا وأيضا الدين، وأسهب في محاولة إثبات عدم جدواهما البتة، مما يوضح الاتجاه العام للتنوير ولموسوعته التي أثارت كثيرا من النقاش والجدل والشبهات والمصاعب القانونية، حتى بلغت حد الاستدعاء من قبل الشرطة للتحقيق وإنزال العقوبات بسبب ما تحمله من بصمات إلحادية سافرة؛ لهذا تراجع دالامبير بعد صدور المجلد الأول، بينما ثابر ديدرو حتى أخرج المجلد السابع عشر عام 1772م، يعاونه في هذا، ويكتب مقالات الموسوعة، أئمة عظام للتنوير من أمثال مونتسكيو

C. S. Montesquieu (1689-1755م)، صاحب «روح القوانين» الشهير، وقد كتب للموسوعة مقالا في «الذوق»، وجان جاك روسو

J. J. Rousseau (1712-1787م)، وفولتير

Página desconocida