Filosofía de la ciencia en el siglo XX: Orígenes, cosecha y perspectivas futuras
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Géneros
23
أما الهند وجارتها الصين، فهذه المنطقة في شرق آسيا مهد من مهود نشأة الحضارة الإنسانية، وبالتالي ساهمت بنصيبها في هذه المرحلة الباكرة والأولية التمهيدية من تاريخ العلم، حيث وعورة شق وتعبيد الطريق؛ ليكون الإبداع الأصيل، إن دور الصين كبير في تاريخ الحضارة الإنسانية وفي الواقع المعاصر على السواء. لكن حتى أواخر العصور الوسطى، كان العلم الصيني يسير في مسار مختلف ومستقل عن مسار الحضارتين الغربية والعربية، فلم يعرفوا شيئا عن أرسطو وإقليدس وبطليموس، وبالتالي افتقر العلم الصيني منذ بواكيره وحتى مشارف العصور الحديثة إلى المنطق البرهاني والرياضيات الاستنباطية والأصول النظرية التي برع الإغريق في صياغتها، وكانت جميعها طوع بنان العرب، وظلت الرياضيات الصينية دائما متعثرة مرتبكة يعتمد العد فيها على استخدام العصي، ولم يعرفوا الترقيم العربي الهندي واستخدام الصفر ولا عرفوا شيئا عن حساب المثلثات، على الرغم من أهميته في علم الفلك. وكما يقول توبي هف
T. E. Huff
عوضوا ذلك بتوظيف فلكيين عرب في بكين منذ القرن الثالث عشر، وفي هذا التاريخ عرفوا لأول مرة الترقيم والنظام العشري والصفر واستخداماته، خصوصا بعد مجيء المبشرين المسيحيين. وقد لحق التفكير النظري في الطبيعة بوضعية الرياضيات. عرفت الصين بالتأكيد فكرا قانونيا، وعرفوا أيضا تفكيرا في الطبيعة، ولكنهم لم يعرفوا علم الفيزياء. وكان نظام التعليم في الصين يوطد هذا الوضع ويدعمه، فهو نظام أوتوقراطي يهدف إلى إعداد موظفين للحكومة المركزية البيروقراطية،
24
والحصول على الوظيفة هو الهدف الوحيد من العملية التعليمية، وهذا يقتضي إتقان الإنسانيات والكلاسيكيات الخمس، أو التراث الصيني القديم، خصوصا منتخبات كونفوشيوس،
25
ومسائل أخرى إدارية وثقافية. وكل هذا لا علاقة له بالرياضيات ولا بالتفكير العلمي في الطبيعة، فلم يكن ثمة بواعث لتعلمهما، فضلا عن البحث والإبداع فيهما.
ولكن إذا كان هذا هو حال العلوم النظرية كالرياضيات والطبيعة، فإن الصين قد أسهمت برصيد هائل في العلوم التطبيقية، ومنها الطب الصيني الشهير. والحق أنه يمكن اعتبار التقانة «التكنولوجيا» الميكانيكية في أصلها ابتكارا صينيا، بخلاف ابتكارات أخرى كثيرة كالساعة المائية والورق والبارود ... لذلك فإن جوزيف نيدهام، هذا العالم الذي ترك معمله ليكشف عن دور الصين في تاريخ العلم وتاريخ الحضارة وخرج بإنجازات كبيرة وفاصلة في هذا الصدد تمثلت في موسوعة ضخمة من سبعة أجزاء عن تاريخ العلم والحضارة في الصين، أعدها نيدهام للنشر، ثم قام بتلخيصها
26
Página desconocida