Filosofía de la biología: Una introducción muy corta
فلسفة علم الأحياء: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
هذا الكتاب منظم على النحو التالي. يضع الفصل الثاني الخطوط العريضة لنظرية التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي، مفسرا مكانتها الفريدة في علم الأحياء وأهميتها الفلسفية. ويبحث الفصل الثالث مفهوم الوظيفة البيولوجية ويتعرض للجدل المثار في علم الأحياء التطوري حول «التكيف». ويستعرض الفصل الرابع مسألة مستويات الانتخاب، التي تناقش ما إذا كان الانتخاب الطبيعي يعمل على مستوى الأفراد أم الجينات أم الجماعات. ويناقش الفصل الخامس التصنيف البيولوجي، مركزا على ما إذا كانت هناك طريقة «صحيحة» لإلحاق الكائنات بالأنواع، والأنواع بوحدات تصنيف الأعلى. ويستعرض الفصل السادس المسائل الفلسفية المتعلقة بعلم الوراثة، مع التركيز على مفهوم الجين نفسه. ويبحث الفصل السابع انعكاسات علم الأحياء على الإنسان، متسائلا ما إذا كان من الممكن تفسير السلوك والثقافة الإنسانيين بيولوجيا.
الفصل الثاني
التطور والانتخاب الطبيعي
في عام 1859 نشر تشارلز داروين كتابه «أصل الأنواع» الذي قدم فيه نظريته عن التطور. مثل الكتاب نقطة تحول في فهمنا للعالم الطبيعي، وأحدث ثورة في علم الأحياء في العقود التي تلت. فيه طرح داروين ثلاث أطروحات رئيسية. أولا، الأنواع ليست ثابتة بل تغير صفاتها بمرور الزمن تأقلما مع الظروف البيئية. ثانيا، الأنواع الحالية تنحدر من سلف واحد أو بضعة أسلاف مشتركين، ولم يخلق الإله كلا منها مستقلا. لا بد إذن أن أنواعا سالفة من الحياة خضعت لعملية تطورية ما حولتها إلى الأنواع الحديثة. ثالثا، أن «الانتخاب الطبيعي» هو الوسيلة الرئيسية للتعديل التطوري. كان داروين يقصد بالانتخاب الطبيعي أن الكائنات الأقدر على البقاء والتكاثر في بيئتها هي التي ستبقى من بين أفراد جماعتها بينما يفنى سواها. وذهب داروين إلى أن التأثير التراكمي للانتخاب الطبيعي على مدى أجيال كثيرة سوف يجعل الكائنات تتأقلم تدريجيا على بيئتها مؤدية في النهاية إلى ظهور أنواع جديدة تماما من الحياة.
لم يكن داروين أول من طرح فكرة تغير خصائص الأنواع بمرور الزمن ولا فكرة الأسلاف المشتركة للأنواع. فقد ناقش علماء سابقون له تلك الأفكار، ومن بينهم جده إراسموس داروين. ولكنها لم تلق قبولا واسعا، إذ لم تطرح «آلية» معقولة تفسر كيفية حدوث التغير التطوري. فكان إسهام داروين الأساسي هو وصف هذه «الآلية»، التي تمثلت في الانتخاب الطبيعي، واستعراض أدلة مقنعة على إمكان نشأة صفات جديدة في الكائنات، مؤدية في النهاية إلى نشأة أنواع جديدة. يعرض «أصل الأنواع» حجة مقنعة لقدرة الانتخاب الطبيعي على إحداث التعديل التطوري. إذ يقدم داروين مجموعة من الحقائق والملاحظات التي يصعب تفسيرها من خلال فرضية خلق الأنواع منفصلة، وهي مع ذلك منطقية تماما إذا ما ثبتت صحة نظريته.
الانتخاب الطبيعي فكرة بسيطة لكنها ذات تأثير عميق. يقوم الانتخاب الطبيعي في الأساس على الفكرة المنطقية التالية. تأمل أي جماعة من الكائنات الحية. ستتطور هذه الجماعة بمرور الزمن، بمعنى أن تكوينها سيتغير، طالما تستوفي ثلاثة شروط. أولا، لا بد أن يتباين أفرادها في السمات الظاهرية، لا أن يتطابقوا فيها. («السمة الظاهرية» أو «السمة»، هي صفة ملاحظة في الكائن كالطول أو لون البشرة أو شكل الجمجمة.) ثانيا، لا بد أن ينتج عن ذلك التباين في السمات تباين في «الصلاحية»، أو القدرة على البقاء والتكاثر. هذا يحدث لأن بعض التباينات عادة ما تكون أكثر ملاءمة لبيئتها من غيرها. على سبيل المثال، في غابة كثيفة، النباتات الأطول سيصل إليها ضوء الشمس أكثر من تلك الأقصر. ثالثا، لا بد أن تميل الذرية إلى مشابهة الأبوين. هذه الشروط مجتمعة تعني أنه في الأجيال المستقبلية، ستصبح السمات المرتبطة بالصلاحية العالية أكثر شيوعا في أفراد المجموعة، بينما ستنحسر تلك التي تقلل من الصلاحية. يفرد داروين مساحة كبيرة في «أصل الأنواع» للاستدلال على أن الجماعات الحيوية الفعلية عادة ما تستوفي هذه الشروط الثلاثة.
توصل داروين إلى فكرة الانتخاب الطبيعي من خلال قراءة أعمال الديموجرافي الفيكتوري توماس مالتوس. ذهب مالتوس إلى أن نمو التعداد السكاني للبشر دائما ما سيفوق المخزون الغذائي. بالمثل، ذهب داروين إلى أن جميع الكائنات تخوض «صراعا من أجل البقاء»، لأن عدد الكائنات التي تولد في أي جيل يفوق العدد الذي يمكن بقاؤه على قيد الحياة. هذا يرجع إلى قيود متعلقة بالموارد؛ إذ لا يمكن لأي جماعة حيوية أن تظل تنمو إلى الأبد. إذن، لا محالة سيكون هناك رابحون وخاسرون. من ملاحظاته الميدانية، أدرك داروين أن الكائنات في أي جماعة عادة تتباين في نواح لا حصر لها. لذلك فإنه من المرجح، كما استنتج، أن بعض الكائنات ستمتلك صفات تمنحها أفضلية، مهما كانت طفيفة، في الصراع من أجل البقاء. هذه الكائنات سوف تبقى وتتكاثر، ناقلة هذه الصفات ذات الأفضلية إلى ذريتها.
لتوضيح قوة الانتخاب الطبيعي، وضعه داروين في مقارنة مع الانتخاب الاصطناعي الذي يمارسه مربو الحيوانات. وهو مصطلح يشير إلى طريقة تحسين المربين لماشيتهم عن طريق الانتقاء المتكرر للكائنات التي تمتلك خصائص مرغوبا فيها كي تؤسس للجيل القادم. من شأن ذلك أن يؤدي إلى نتائج سريعة إلى حد مدهش، كما حدث في سلالات كثيرة للكلب المستأنس اختلف مظهرها تماما بعد عدة مئات من الأجيال من التناسل الانتقائي. في الانتخاب الاصطناعي يوجد فاعل واع - المربي البشري - يختار قصدا بعض التنوعات دون غيرها لأغراض خاصة. لكن داروين ذهب إلى أن شيئا مشابها يحدث في الطبيعة على مدى زمني أطول. في الانتخاب الطبيعي لا يوجد فاعل واع بالطبع؛ بل تفرض البيئة مصفاة انتقائية، محابية الكائنات الأقدر على البقاء والتكاثر فيها. ينتج هذا كائنات تتكيف جيدا مع بيئتها، ويصنع تنوعا بيولوجيا، إذ تتأقلم مختلف الجماعات على مختلف الظروف البيئية.
حجة التصميم
كانت إحدى النتائج المباشرة لنظرية داروين هي تقويض «حجة التصميم»، وهي حجة فلسفية قديمة لوجود الإله. تنسب النسخة الأشهر من حجة التصميم إلى ويليام بيلي، وهو قس عاش في القرن الثامن عشر. أشار بيلي إلى أن الكائنات تظهر «توافقا» مذهلا مع بيئتها وتعقيدا وظائفيا. لتوضيح معنى التوافق، تأمل قدرة صبار الصحراء على تخزين المياه، أو تشابه الحشرة العصوية مع أوراق النبات المحيطة، أو الديناميكية الهوائية لجناح الطائر. في كل من هذه الحالات، يتمتع الكائن بخصائص تبدو ملائمة بشكل مثالي لبيئته. وكأن مهندسا لديه دراية مسبقة بالتحديات البيئية التي سيواجهها قد زوده بالصفات المناسبة. لتوضيح المقصود بالتعقيد، تأمل عضوا جسديا كعين الفقاريات. كما أشار بيلي، تعتمد وظيفة العين على نشاط متسق لعدة أجزاء ثانوية تتوالف بدقة بالغة، كالعدسة والقرنية والشبكية، وهلم جرا. ليست العين مميزة في هذا الصدد؛ فحتى كائن معقد نسبيا كالأميبا يحتوي على العديد من المكونات داخل الخلية التي لا بد أن تعمل باتساق كي تؤدي وظائف حيوية كالتنفس والتمثيل الغذائي. يعتبر بيلي التوافق والتعقيد دليلين على تصميم قام به إله واع.
Página desconocida