Pilares en la filosofía política
ركائز في فلسفة السياسة
Géneros
ربما كانت الصفحات القادمة دفاعا مشبوبا عن مفهوم القومية العربية في معمعان القرن الحادي والعشرين، إلا أنها على أية حال لا تخلو من تحليلات فلسفية، فضلا عن أن مفهوم «القومية» بشكل عام و«القومية العربية» بشكل خاص، من ركائز الفكر السياسي ومن معالم الفلسفة السياسية الحديثة؛ على أية حال، فقد جعلناها محض حاشية ختامية.
1
القومية العربية في المعمعان
لم نفق بعد من قارعة العولمة التي نزلت على أم رءوسنا، لتغدو شغلنا الشاغل وهمنا المقيم ليلا ونهارا، وحتى وقت قريب كان يصعب أن يمضي يوم دون أن يعقد مؤتمر أو ندوة أو أمسية ثقافية أو ملتقى على أعلى مستوى لمناقشة موضوع العولمة، واحتلت موقعها في صدر عناوين المطبوعات، تنافست سائر الجهات المعنية، وأحيانا غير المعنية، لإصدار الكتب والبحوث والدراسات والمقالات حول العولمة، وبات من الضروري أن يستقر رأي المتبصرين والمستنيرين وأولي الأمر على أن العالم أصبح قرية كونية واحدة، وبالتالي أصبحت العولمة شريعة العصر وقانون الوجود، تيار دافق لا مندوحة عن أن نمخر عبابه ونجيد السباحة فيه. من يتوانى ليتمسك بأهداب القومية والهوية والوطنية وتحقيق الذات، ودع عنك المقدسات والأعراف والقيم المطلقة وما إليه، فهو متخلف يخوض في أطلال دوارس، عاجز عن مواكبة روح العصر، وسوف يجرفه التيار العولمي الدافق، ليلقي به في مقلب نفايات التاريخ.
بدت أصوات المعارضين صيحات غوغاء أو همج متخلفين، حتى الذين أثبتوا بمناهج راقية أن العولمة التي يتحدثون عنها سوف تزيد الفقير فقرا والغني غنى، وتزداد الهوة بين الشمال والجنوب وبين العالم المتقدم والعالم المتخلف، ويزداد العالم ظلما وبؤسا، ضاعت أصواتهم في معمعان العولمة ولم يصغ إليهم أحد، ومثلهم الباحثون عن التنوع الثقافي الخلاق الذي يثري عالم الإنسان ويكسبه طابعه المميز. لقد باتت العولمة قوة كاسحة ولا سبيل إلا للحاق بركبها بقصارى ما نستطيع.
1
وقبل أن نفيق من هول العولمة، فاجأتنا قارعة الشرق الأوسط الكبير، وكأن الشرق الأوسط الصغير لم يعد يكفي لابتلاع وهم القومية العربية والعالم العربي والوجود العربي، ولا العولمة كفيلة بهذا، والكل منشغل الآن بالشرق الأوسط الجديد.
وعلينا أن نصادر على المطلوب، وأول المطلوب أن نتحرر من وهم تآمر الغرب علينا، نحن العرب والمسلمين.
لا تفكير مرضي في التآمر؛ العالم الغربي المتقدم بحكم تقدمه لا يريد إلا الخير والفلاح والصلاح للعالمين، والإنقاذ من براثن التخلف. كان الاستعمار الأوروبي البائد يستهدف العمران والعمار والتحديث، وكنتيجة جانبية يأتي تأمين مصادر المواد الخام لمصانعه والأسواق لمنتجاته، وتمتلئ خزائن أوروبا وتحكم السيطرة على المواقع الاستراتيجية لجيوشها وطرق التجارة العالمية. والآن قد آل عرش الهيمنة الغربية إلى الإمبريالية الأمريكية الراهنة، وهي بقروضها ومعوناتها ومبادراتها وضرباتها الوقائية واحتلالها العسكري والخراب والدمار وتدمير نظام الحكم في الدولة وتسريح الجيوش ونهب المتاحف ومقتنيات التراث الإنساني وخزائن البنوك؛ أمريكا بهذا لا تنشد إلا الديمقراطية والتعددية والحرية والمساواة وتمكين المرأة وتطوير التعليم وتأهيل الشباب لسوق العمل، وكنتيجة جانبية يأتي تأمين مصادر البترول ومواقع المصالح الاستراتيجية، ثم الخلاصة المستصفاة التي تجسد وتجرد كل الأهداف المعلنة والخفية، الظاهر منها والباطن، الناتئ والغائر، المكشوف والمستور؛ أي سؤدد دولة إسرائيل.
ينبغي أن نتقبل كل هذا حرصا على الحداثة والتقدم والوفرة والحرية والتعددية والديمقراطية، وكل ما تشتهي الأنفس وتقر به الأعين، وإن لم نقبل فلن تعني عروبتنا إلا شاهد قبر ولن يعني إسلامنا إلا التخلف والرجعية والسلفية والإظلامية وقهر المرأة ...
Página desconocida