Pilares en la filosofía política
ركائز في فلسفة السياسة
Géneros
النسوية فلسفة بعد استعمارية
هكذا نجد أن ما يستوقفنا بإزاء الفلسفة النسوية هو أولا وقبل كل شيء هو موقفها النقدي الرافض للاستعمار الغربي ومقاومتها النبيلة والشرسة للإمبريالية؛ وكيف لا يستوقفنا هذا وتاريخنا العربي الحديث قد غلب عليه أن يكون تاريخ الغزو والاستعمار والمقاومة؟ والحق أنه لا الفقر ولا الجهل ولا المرض، بل الاستعمار هو شد ما منيت به البشرية.
ونعود إلى الشغل الشاغل للفلسفة النسوية، أي العقل الذكوري، عقل الهيمنة والسيطرة، بخصائصه التنظيرية والتجريبية. لقد تجسد وتبلور نهائيا في العقل التنويري الحداثي الذي يرابط في سويدائه الإيمان بالسيطرة على الطبيعة بواسطة العلم وآلياته. مثلت قيم التنوير في الفلسفة الغربية منذ القرن الثامن عشر صلب قيم الحداثة وخلاصة تجربة الحداثة، وهي في الآن نفسه الأساس الأيديولوجي للحركة الاستعمارية؛ فقيم التنوير هي طريق التقدم الواحد والوحيد، والذي قطعه الرجل الأوروبي الأبيض باقتدار، ومن حقه وواجبه أن يفرضه على الشعوب الأخرى المتخلفة طوعا أو كرها، ليغدو الاستعمار حقا للرجل الأبيض، وواجبا عليه.
وكان هذا هو الأساس الأيديولوجي للحركة الاستعمارية البائدة، إنها مركزية النموذج الذكوري للإنسان التنويري الحداثي العاقل ، ولها وجه آخر هو المركزية الأوروبية
Eurocentrism
التي امتدت إلى الشاطئ الآخر من المحيط الأطلنطي، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتعني أن الحضارة الأوروبية والثقافة الغربية تتمتع بالسيادة والتفوق المطلق، وبالتالي تمثل معايير الحكم على سائر الحضارات والثقافات الأخرى، ليكون تقدمها تبعا لمدى اقترابها من النموذج الغربي الذي هو المثل الأعلى للجميع. إنها فردانية الرجل الأبيض، التي تبلغ حد الأنا وحدية
solipsism ، فهو وحده مركز الوجود، أصبح ناموس كل الأشياء، إما أن تكون الرجل الأبيض وإلا فأنت في منزلة أدنى، الثانية أو الثالثة أو العاشرة ... تبعا لمدى الاقتراب منه في التراتب الهرمي الجامع.
سادت مركزية الحضارة الغربية العالمين بفضل المد الاستعماري، وقهرت ثالوث الأطراف؛ قهرت المرأة، وقهرت الطبيعة لتخلق مشكلة البيئة الملحة، وقهرت شعوب العالم الثالث؛ وجاءت الفلسفة النسوية لترفض التراتب الهرمي أصلا في العلم وفي الحضارة على السواء، نازعة إلى تقويض مركزية العقل الذكوري، تحريرا للمرأة وقيمها الأنثوية، وبالمثل تحريرا للبيئة، ثم تشعر بأنها مسئولة أكثر من سواها عن مواجهة الوجه الآخر المتضخم للمركزية الذكورية، أي مركزية الحضارة الغربية.
لقد وجدت الفلسفة النسوية طريقها لكي تكون فلسفة للمرأة بقدر ما هي فلسفة للبيئة بقدر ما هي فلسفة لتحرر الثقافات والقوميات وشعوب العالم الثالث من نير الاستعمارية والمركزية الغربية، وهي في كل هذا فلسفة بعد حداثية رافضة لقيم الحداثة والتنوير - التي رأيناها قيما استعمارية - من حيث إن الفلسفة النسوية هي فلسفة بعد استعمارية.
لقد نشأت «الموجة النسوية الثانية» التي تمخضت عن «الفلسفة النسوية» في أوان انتهاء الاستعمار البائد الذي يمثل أقوى تجسيد للفلسفة الذكورية. ما بعد الاستعمارية لحظة فارقة في تاريخ النسوية لتتسلح بمناهج لمراجعة الأبنية الغربية في المعرفة والإنتاج، ومزيد من الكشف عما فيها من مركزية جائرة وتراتبية هرمية أدت أيضا إلى العنصرية والاستعمارية في سجل الجرائم الغربية الحافل.
Página desconocida