La filosofía inglesa en cien años (parte uno)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Géneros
A Crusade For Humanity » (1913، ص241-245)، وفيه عرض تاريخ المذهب الوضعي الإنجليزي المنظم لأول مرة في صورة جامعة، وإلى هذا الكتاب المفيد غاية الفائدة ندين بالجزء الأكبر من الحقائق الواردة في هذا القسم.
وكان رئيس الجمعية الوضعية الذي عين خلفا لهاريسون هو «س. ه. سويني
S. H. Swinny » (1905) الذي ظل وقتا طويلا يشرف على تحرير صحيفة الجمعية، وبعد عام واحد من تعيينه، توفي بريدجز، وأعقبه بيسلي بعد تسع سنوات، وأخيرا تم الصلح بين المعسكرين المتعارضين، وأعيد توحيدهما وسط الحرب العالمية الأولى (1916)، بعد إخفاق عدة محاولات سابقة. غير أن هذه التقوية الخارجية لجسم الوضعية العليل قد أتت بعد فوات الأوان، فلم تستطع الحيلولة دون الانحلال التام للحركة التي غدت ضعيفة بحكم السن، فمنذ ذلك الحين عادت اجتماعاتهم تعقد في شارع تشابل؛ إذ كانت الحركة قد فقدت «قاعة نيوتن» قبل ذلك بوقت طويل (1902)، وكان أتباع هاريسون قد اضطروا إلى البحث عن أمكنة أخرى لعقد اجتماعاتهم، وتم انهيار الحركة في السنوات التي أعقبت الحرب، ففي 1920، تولى «لاسبل
T. S. Lascelles » الرئاسة بعد اعتزال ب. توماس، وفي 1923 توفي هاريسون وسويني، وفي 1925 توقفت المجلة الدورية التي كان يرأس تحريرها منذ سنتين جولد بعنوان «الإنسانية
Humanity » عن الظهور، وهكذا يمكن القول إن الحركة قد انتهت من الوجهة العلمية، حتى رغم أنه ما زالت هناك، حتى وقت ظهور هذا الكتاب (أي عام 1937) «هيئة وضعية بلندن»، تملك غرفة في شارع «تشابل».
4
الفصل الرابع
الجماعات المهتمة بالفلسفة الدينية
سوف يقتصر العرض الذي سنقدمه في هذا الفصل للفلسفة الدينية في الجزء الأول من الفترة التي هي موضوع بحثنا، على المفكرين الذين كانت لهم أهمية مستقلة خارج التيارات الفلسفية التي عالجناها حتى الآن، فليست مهمتنا هنا، كما كانت في الفصول السابقة، هي تتبع تطور حركة فكرة منفردة موحدة مكتفية بذاتها نسبيا، وإنما هي ضم وجمع كل ما يبدو هاما في ميدان النظريات الفلسفة الدينية، أي في التفكير المتجه إلى المسائل الدينية أينما وجد في سياق واحد شامل. ولكن أبعد الأمور عن غرضنا هو أن نقدم ما يمكن أن يعد عرضا شاملا للحياة الدينية في إنجلترا في القرن التاسع عشر، حتى ما يتخذ منها صبغة نظرية؛ ذلك لأن دور الجهود التي تبذل في ميدان اللاهوت كان بطبيعته أكبر من دور الجهود الفلسفية في تكوين مثل هذه النظرية، ورغم أن الحدود بين هذين الميدانين تتداخل على الدوام، فمن واجبنا مع ذلك أن نقصر حديثنا على الميدان الأخير بقدر الإمكان، وهكذا فإن عرضنا الموجز سيقتصر على ما له صلة حقيقية بالفلسفة، وحتى في هذه الحالة لا نستطيع أن نقدم من ذلك إلا حالات مختارة.
وما دامت هذه هي وجهة نظرنا، فلزام علينا أن نتناول أولا تلك الحركة التي كان تأثيرها في الحياة الدينية بإنجلترا في القرن التاسع عشر يفوق تأثير أية حركة أخرى. وأعني بها «حركة أكسفورد» التي ظهرت في العقدين الرابع والخامس من ذلك القرن، والتي أدت إلى إعادة تشكيل وتحويل قدر كبير من الديانة المعاصرة لها. وقد كان معنى هذه الحركة، بالنسبة إلى الفلسفة وإلى الحياة العقلية العامة لذلك العصر، رد فعل على معظم الاتجاهات التي كانت سائدة عندئذ: أي على المذهب العقلي بمختلف صوره، وعلى الثقة بالمعرفة والزهو بالعقل، وعلى أخلاق السعادة ووهم التقدم، والفكر الحر والليبرالية، ورد الوجود إلى الوقائع الخارجية، والقيم الدنيوية، وصبغ الدين بصبغة سطحية ضحلة، وجعل حياة الكنيسة راكدة، أي بالاختصار على روح التنوير كما خلصت من الانهيار الذي طرأ عليها في القرن الثامن عشر، وتركزت على عرشها المتين في القرن التاسع عشر. ولقد بدأت هذه الحركة في جامعة أكسفورد، شأنها شأن الحركة المثالية الجديدة التي ظهرت في الجيل التالي لها، وقام بها رجال مثل «ج. ه. نيومان» و«ج. وكيبل» و«أ.ب. بوس» و«و. ج. وورد» و«ر. ه. فرود»، وكان هدفها المؤكد، قبل كل شيء، هو تجديد الحياة الدينية وتعميقها، ولكنها اشتملت في ذاتها أيضا على قوى فلسفية هامة كانت هي التي أطلقتها من عقالها، وكان الرجل الذي أضفى عليها روحها بوصفها حركة دينية، هو ذاته الذي كان أكبر ذهن فلسفي فيها، وهو تلك الشخصية الفذة الرفيعة الكردينال نيومان.
Página desconocida