أقول: وبالله التوفيق ومنه الوصول إلى عين التوفيق، هذه عبارات أصحابنا تدل على اختلافهم كما ذكرنا، ونحوها عبارات كثيرة مختلفة تركنا ذكرها خوفا للتطويل الموجب للملل، وخير الكلام ما قل ودل.
وأولى الأقوال المذكورة وأصحها وأوفقها بالروايات الحديثية هو القول الرابع: أن ما كان مشروطا يكره، وما لم يكن مشروطا لا يكره.
أما كراهة المشروط فلحديث كون القرض الذي جر منفعة ربا(1).
وأما عدم كراهة غير المشروط فلحديث: ((الظهر يركب ولبن الدر يشرب))(2).
والمراد بالكراهة التحريمية كما يفيدهم تعليلهم بأنه ربا، وهي المرادة من الحرمة في قول من تكلم بحرمة المشروط، فإن المكروه التحريمي قريب من الحرام بل كأنه هو، ثم المشروط أعم من أن يكون مشروطا حقيقة أو حكما.
أما حقيقة فبأن يشترط المرتهن في نفس عقد الرهن أن يأذن له الراهن بالانتفاع من الرهن على ما هو المتعارف في أكثر العوام أنهم إذا ارتهنوا شيئا ودفعوا الدين يشترطون إجازة الانتفاع، ويكتبون ذلك في صك الرهن، ولو لم يأذن له الراهن أو لم يكتب في الصك لم يدفع المرتهن الدين ولم يرتهن.
وأما حكما فهو ما تعارف في ديارنا أنهم لا يشترطون ذلك في نفس المعاملة لكن مرادهم ومنويهم إنما هو الانتفاع، فلولاه لما دفع المرتهن الدين، حتى لو دفع الدين ولم يأذن له الراهن في مجلس آخر أو أذن، ثم رجع من إذنه يغضب المرتهن ويريد أخذ دينه، فالاشتراط وإن لم يكن مذكورا في كلامهم لكنه عين مرامهم.
Página 36