أقول إن النوع السادس عند التحقيق هو النوع الثاني، فإن كان الثاني جيدا كما زعم فالثاني معيب.
بيانه أن المصراع من النوع السادس مستقل بنفسه، غير محتاج إلى الذي يليه أصلا، لأنهلو وقف على قوله. "ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى" لكان مفيدا، لأنه سأل الليل أن ينجلي وينكشف، وهذا كلم تام مستقل بنفسه، كقوله: "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل" بل أتم استقلالا منه، لأنه إذا ذكر الحبيب والمنزل ولم ينعتهما كان الكلام يخرج عن الإفادة. وقوله لليل: "ألا انجلي" معناه واضح، كأنه قال ما أطولك ياليل فانكشف.
وبيت المتنبي مثل هذا، بل أتم استقلالا، لأن قوله: "قد علم البين منا البين أجفاقا" كلام حسن مفيد عند من يفهم معناه، ومعنى هذا المصراع أن البين قد علم أجفاننا البين، أي فراق الأحباب قد علم أجفاننا أن يفارق بعضها بعضا.
وهذا معنى لطيف، وكلام حسن مستقل بنفسه، لا حاجة له إلى المصراع الثاني، ولا هو معلق عليه أصلا.
وليس قوله: "تدمى" يوجب تعلق المصراع الأول عليه، لأن موضعه النصب، من حيث كان صفة لقوله "منزل"١ فلا فصل بين الموضعين.
١ هكذا بالأصل ولعل الصواب "من حيث كان صفة لقوله أحيانا كما أن يسقط اللوى صفة لقوله منزل".