9 .
وهم أقرب إلى الشجاعة؛ لأنهم قائمون بالمدافعة عن أنفسهم، لا يكلونها إلى سواهم، ولا يثقون فيها بغيرهم، فهم دائما يحملون السلاح، ويتلفتون عن كل جانب في الطرق، قد صار لهم البأس خلقا والشجاعة سجية، ونجد المتوحشين من العرب أهل البدو أشد بأسا ممن تأخذه الأحكام
10 .
وهم لا يزالون موسومين بين الأمم بالبيان في الكلام، والفصاحة في النطق، والذلاقة في اللسان، والبيان سمتهم بين الأمم منذ كانوا
11 . (4)
ويقول «أوليرى»
12 : «إن العربي الذي يعد مثلا أو نموذجا مادي، ينظر إلى الأشياء نظرة مادية وضيعة، ولا يقومها إلا بحسب ما تنتج من نفع، يتملك الطمع مشاعره، وليس لديه مجال للخيار ولا للعواطف، لا يميل كثيرا إلى دين، ولا يكثرث بشيء إلا بقدر ما ينتجه من فائدة عملية، يملؤه الشعور بكرامته الشخصية، حتى ليثور على كل شكل من أشكال السلطة، وحتى ليتوقع منه سيد قبيلته وقائده في الحروب الحسد والبغض والخيانة من أول يوم اختير للسيادة عليه، ولو كان صديقا حميما له من قبل؛ من أحسن إليه كان موضع نقمته؛ لأن الإحسان يثير فيه شعورا بالخضوع وضعف المنزلة وأن عليه واجبا لمن أحسن إليه»، يقول لامانس: «إن العربي نموذج الديمقراطية ولكنها ديمقراطية مبالغ فيها إلى حد بعيد، وإن ثورته على كل سلطة - تحاول أن تحدد من حريته ولو كانت في مصلحته - هي السر الذي يفسر لنا سلسلة الجرائم والخيانات التي شغلت أكبر جزء في تاريخ العرب ، وجهل هذا السر هو الذي قاد الأوروبيين في أيامنا هذه إلى كثير من الأخطاء، وحملهم كثيرا من الضحايا كان يمكنهم الاستغناء عنها، وصعوبة قيادة العرب وعدم خضوعهم للسلطة هي التي تحول بينهم وبين سيرهم في سبيل الحضارة الغربية؛ ويبلغ حب العربي لحريته مبلغا كبيرا، حتى إذا حاولت أن تحدها أو تنقص من أطرافها هاج كأنه وحش في قفص، وثار ثورة جنونية لتحطيم أغلاله والعودة إلى حريته؛ ولكن العربي من ناحية أخرى مخلص مطيع لتقاليد قبيلته، كريم يؤدي واجبات الضيافة والمحالفة في الحروب، كما يؤدي واجبات الصداقة مخلصا في أدائها حسب ما رسمه العرف ... وعلى العموم فالذي يظهر لي أن هذه الصفات والخصائص أقرب أن تعد صفات وخصائص لهذا الطور من النشوء الاجتماعي عامة من أن تعد صفات خاصة لشعب معين، حتى إذا قر العرب وعاشوا عيشة زراعية مثلا تعدلت هذه العقلية» انتهى مختصرا. (5)
وهناك غير هذا كثير من أقوال الكتاب في كتب الأدب تنسب للعرب كل فضيلة، وتنفي عنها كل رذيلة، كالذي ذكره الألوسي في بلوغ الأرب، فقد قال بعد كلام طويل: «والحاصل أن العرب لما كانوا أتم الناس عقولا وأحلاما، وأطلقهم ألسنة، وأوفرهم أفهاما، استتبع ذلك لهم كل فضيلة، وأورثهم كل منقبلة جليلة»
13
ويقول ابن رشيق في العمدة: «العرب أفضل الأمم، وحكمتها أشرف الحكم» ... إلخ.
Página desconocida