Faith in the Hereafter and Its Impact on the Individual and Society
الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع
Géneros
وقوله جل شأنه: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ "يعم الآخرة وغيرها، ولكن ذكرها لعِظَمِها، والتنبيه على وجوب اعتقادها، والرد على الكفرة الجاحدين لها " (^١). فالآخرة " هي دار الجزاء، ومحل التجلي، وكشف الغطاء، ونتيجة الأمر " (^٢).
ومن هنا نعلم حقارة الدنيا ودنوها، عند كمال الآخرة وصفائها وعلوها يقول الإمام الرازي ﵀:" اعلم أن عالم الدنيا عالم الكدورة، وعالم الآخرة عالم الصفاء، فالآخرة بالنسبة للدنيا كالأصل بالنسبة للفرع وكالجسم بالنسبة للظل، فكل مافي الدنيا فلا بد له في الآخرة من أصل " (^٣)
ويقول الإمام ابن القيم ﵀: " فإن المعاد يعود إلى العبد فيه، ما كان حاصلًا منه في الدنيا، ولهذا يسمى يوم الجزاء " (^٤).
فاليوم الآخر عنوان حوى في طياته كثيرا من المعاني، وألمح ظاهر لفظه على وقوع التقصير من القاصي والداني، "فنستشف من قول إبراهيم: ﴿وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧)﴾ [الشعراء:٨٨] مدى شعوره بهول اليوم الآخر، ومدى حيائه من ربه، وخشيته من الخزي أمامه، وخوفه من تقصيره، وهو النبي الكريم. كما نستشف من قوله: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)﴾ مدى إدراكه لحقيقة ذلك اليوم، وإدراكه كذلك لحقيقة القيم، فليست هنالك من قيمة في يوم الحساب إلا قيمة الإخلاص " (^٥).
فلقرب هذا اليوم العظيم، نبه الله تعالى عليه (بغد)، ولتحقق وقوعه قال ﷾ عنه: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١].
_________
(^١) ابن عطية: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (١/ ٧٠)
(^٢) البقاعي: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (١/ ٨٧).
(^٣) الرازي: مفاتيح الغيب (١/ ٢٤٤).
(^٤) ابن القيم: التفسير القيم (١٢٥).
(^٥) سيد قطب: في ظلال القرآن (٥/ ٢٦٠).
1 / 28