فيسميه أهل المشرق عندئذ «معجم الشيوخ» أو يذكرهم حسب وفياتهم أو تاريخ سماعه منهم، أو على البلدان التي سمع منهم فيها فتسمى عند أهل المشرق: «المشيخة». أما المغاربة فيطلقون على معجم الشيوخ والمشيخة اسم «البرنامج»، وهي لفظة فارسية معربة.
وأما الذين يعنون بذكر المرويات فيطلق عليه المشارقة لفظة «الثّبت» بفتح الثاء المثلثة والباء الموحدة، وأما المغاربة فيطلقون عليه: «الفهرسة»، وهي لفظة فارسية معربة أيضا (١). وأشار العلامة المحدث الكتاني إلى أن بعض أهل الأندلس قد يستعمل البرنامج بمعنى الفهرسة أيضا (٢).
وواضح من «فهرسة ابن خير» التي نحققها أنها معنية بالمرويات، وليس بسير الشيوخ الذين أخذ عنهم ابن خير وذكر شيوخهم ومواليدهم ووفياتهم ونحو ذلك مما تحويه كتب التّراجم عادة، فقد بدأ الكتاب بمقدمة تناول فيها ضرورة العمل بما يحمله الطالب من العلم، وبذله لأهله لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل، وسبب تأليفه لهذا الفهرسة، وفضل العلم والعالم والمتعلم، وضرورة تقييد العلم بالأسانيد والكراهية لما كان عريا منها. ثم تناول فيها ما يتعين على طالب العلم عند الحمل والرّواية وعند التأدية والتبليغ، مبينا مراتب الرواية (طرق التحمل) من سماع، وعرض، ومناولة، وإجازة. ثم تقديم حسن النّية والعمل بما يتعلّم، وتبليغه إلى مستحقه، والعناية بتعلّم اللّغة العربية وإتقانها، والعناية بشيوخه؛ برا ورفقا بهم وتملّقا لهم ليستخرج منهم بذلك الفوائد. وتطرق فيها أيضا إلى وظائف التأدية من تحري الصّدق وتوقي التدليس والتزين بزينة التقوى، والتباعد عن التساهل
_________
(١) تنظر مقدمتنا لمشيخة النعال البغدادي (بغداد ١٩٧٥)، ومقدمتنا لمعجم شيوخ تاج الدين السبكي، ص ٦.
(٢) فهرس الفهارس ١/ ٧١.
1 / 11