قال بعض من يذم الكلاب: الناس ينامون بالليل الذي جعله الله تعالى مسكنا ويتصرّفون ويبصرون في النهار الذي جعله الله ﷿ مسرحا وهو على ضد ذلك فاحتجَّ من يرد عليه فقال إنّ سهرهم بالليل ونومهم بالنهار خصلة ملوكية ولو كان غير ذلك كان الملوك به أولى وإنّما انتباهها بالليل لأن الليل ينتشر فيه اللصوص ويكثر التسلّق والنقوب والسرق ممّن إذا أفضى إلى منزلِ قومٍ لم يرضَّ إلا بالقتل وركوب السوءة ونهب المال فهي تحرس من هذه الأحوال وتنبِّهُ عليه صاحبه أنشدني بعض الأدباء:
تاه قلبي مني وأينَ مِنِّيَ قلبُ ... إنَّ ردَّ السرور يا قومُ صعبُ
شرّدتني خيانةٌ من صديق ... أنا مستسلمٌ له وهو حربُ
مضمرٌ للنفاق والقلب فيهِ ... مبطنٌ بغضه وباديهِ حبُّ
قلت يومًا له وإن مضى مِنـ ... ـهُ فعال أتى بها أنتَ كلبُ
قال: للمزح قلتُ ذا أم لثلبي؟ ... قلت للثلبِ قال ما فيه ثلبُ
1 / 55