ومن عجب الشعر أن مديح النفس والثناء عليها مهجر للقائل زار عليه وإن قال حقا إلا في الشعر وإنما جاز فيه لأنهم أرادوا تخليد أخبارهم وتعداد أيامهم فلم يصلوا إلى ذلك إلا بالتدوين لها ولا ديوان لهم إلا بالشعر إذ كانوا أميين وكل من خبرك عن نفسه بأمر تحتاج إلى علمه ولولا إخباره به ما عرفته فليس يقبح ذكره وإن اتصل بمدحه ولهذه العلة مدحت الأنبياء أنفسها مع تواضعها لله وأخذها بأدب الله فقال يوسف صلى الله عليه {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} وقال رسول الله صلى الله عليه أنا سيد ولد آدم ولا فخر وكذلك قول من يقول صمت وصليت وتصدقت وزكيت إذا أراد أن يتأسى به المسلمون ويقتضي أثره فيه الآخرون.
[2.8.17]
وممن رفع بالشعر بنو أنف الناقة وعامر وعلقمة ابنا هوذة بن شماس وبغيض بن عامر الذي تحول إليه الحطيئة عن جوار الزبرقان بن بدر وقال [بسيط]
ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلا
ذا حاجة عاش في مستوعر شاس
ملوا قراه وهرته كلابهم
وجرحوه بأنياب وأضراس
وكان اسم أنف الناقة حنظلة بن قريع بن كعب وإنما سمي أنف الناقة لأنه أكل رأس بعير ومقدم كل شيء أنفه وكان ولده يكرهون أن يعزوا إلى هذا الاسم ويرونه نبزا حتى قال الحطيئة [بسيط]
قوم هم الرأس والأذناب غيرهم
ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا
فكانوا بعد ذلك يكرهون أن ينسبوا إلا إليه وزاد الله في شهرتهم وذكرهم وصرفه إياه إلى الوجه الذي صرفه إليه.
2.8.4
[2.8.18]
Página desconocida