وأعلمه بمراد الملك منه فقام معه إليه فإذا الملك في مجلسه وحده فقال لخدمه تباعدوا عنا فلم يبق في المجلس غير الملك وعبد المطلب وثالثهم رب العزة تبارك وتعالى فقال له الملك يا أبا الحارث إن من آرائي أن أفوض إليك علما كنت كتمته عن غيرك وأريد أن أضعه عندك فإنك موضع ذلك وأريد أن تطويه وتكتمه إلى أن يظهره الله تعالى فقال عبد المطلب السمع والطاعة للملك وكذا الظن بك فقال الملك اعلم يا أبا الحارث أن بأرضكم غلاما حسن الوجه والبدن جميل القد والقامة بين كتفيه شامة المبعوث من تهامة أنبت الله تعالى على رأسه شجرة النبوة وظللته الغمامة صاحب الشفاعة يوم القيامة مكتوب بخاتم النبوة على كتفيه سطران الأول لا إله إلا الله والثاني محمد رسول الله ص والله تعالى توفى أمه وأباه وتكون تربيته على يدي جده وعمه وأنا وجدت في كتب إسرائيل صفته أبين وأشرح من القمر بين الكواكب وإني أراك جده فقال عبد المطلب أنا جده أيها الملك فقال الملك مرحبا بك وسهلا يا أبا الحارث ثم قال له الملك إني أشهد على نفسي يا أبا الحارث أني مؤمن به وبما يأتي به من عند ربه ثم تأوه سيف ثلاث مرات بأن يراه فكان ينصره وينظره فيتعجب منه الطير في الهواء ثم قال يا أبا الحارث عليك بكتمان ما ألقيت عليك ولا تظهره إلى أن يظهره الله تعالى فقال عبد المطلب السمع والطاعة للملك ونظر عبد المطلب في لحية سيف بن ذي يزن سوادا وبياضا وخرج من عنده وقد وعده في الحباء في غد ليرحلوا إلى أرض الحرم إن شاء الله تعالى فلما رجع إلى أصحابه رآهم وجلين خائفين وقد أكثروا الفكر فيه حين دعاه الملك في مثل ساعته التي دعاه فيها فقالوا له ما كان يريد الملك منك قال عبد المطلب يسألني عن رسوم مكة وآثارها ولم يخبر عبد المطلب أحدا بما كان بينه وبين الملك وغدا عليهم رسول الملك من غد يحضرهم مجلسه فتطيبوا وتزينوا ودخلوا القصر وعبد المطلب يقدمهم فدخلوا عليه فنظر عبد المطلب فإذا برأسه ولحيته سواد حالك فقال له عبد المطلب
Página 42