158

Virtudes de Jerusalén

فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

Géneros

قال: فآذاها القمل في رأسها، فتمنت أن تجد خلوة إلى الجبل فتفلي رأسها، فانفرج السقف لها، فخرجت والباب مغلق في يوم شديد البرد، فجلست في مشرفة للشمس، فأتاها زكريا ففتح الباب ليسلم عليها فلم يجدها، وهو قوله تعالى في سورة مريم: {فاتخذت من دونهم حجابا}. والحجاب الجبل، {فأرسلنا إليها روحنا} جبريل صلى الله عليه وسلم، فأخذ ردن قميصها بأصبعه فنفخ فيه، فحملت من ساعتها بعيسى عليه السلام، فلما وجدت حس الحمل، انتبذت به مكانا قصيا، وهو وادي بيت لحم، قال لها جبريل عليه السلام: {وهزي إليك بجذع النخلة}. قال: وكان جذعا يابسا، فعجبت مريم من قوله؛ لأنه كان جذعا نخرا، لا سعف فيه، فلما هزته نظرت إلى أعلاه، فإذا السعف قد اطلع من الجذع أخضر كأنه السلق، ثم نظرت إلى الطلع يخرج من بين السعف، وقد اخضر بعد البياض فصار بلحا، ثم نظرت إلى البلح وقد احمر بعد الخضرة، فصار زهوا، وهو البسر، ثم نظرت إلى البسر الأحمر قد صار رطبا، كل ذلك في طرفة عين قبل أن يرتد إليها طرفها، فجعل الرطب يقع بين يديها في أقماعه، ولا ينشدخ منه شيء، فطابت نفسها وقالت: ليس ولادتي الغلام من غير أب في ثلاث ساعات بأعجب من هذا الجذع البالي، اطلع فيه السعف، ثم الطلع ثم البلح، ثم صار بسرا، ثم رطبا. قال: {فأتت به قومها تحمله}. وإنما خرجت من عندهم صبحا تشرق الشمس ليس بها قلبة، فجاءت عند الظهر ومعها صبي تحمله، فكان الحمل والولادة في ثلاث ساعات من النهار، وكانت مريم قد حاضت قبل ذلك حيضتين، قال : فقالوا لها: يا أخت هارون. وذلك أن مريم كانت عابدة، وكان في بني إسرائيل رجل عابد، يقال له: هارون، يوم مات تبع جنازته أربعون ألفا من الناس كلهم اسمه هارون، سوى من ليس اسمه هارون؛ وذلك لأنهم سموا أبناءهم باسمه، محبة له، فذلك قوله: {يا أخت هارون}. في العبادة. وكان ما قصه الله تعالى علينا من خبره، كل هذه الآيات في بيت المقدس.

Página 179