شرح زاد المستقنع - عبد الكريم الخضير
شرح زاد المستقنع - عبد الكريم الخضير
Géneros
فمن حكمة الله ﷿ أن جعل العبادات أنواعًا في التكاليف ليختبر المكلف، كيف يكون امتثاله لهذه الأنواع، هل يمتثل ويقبل ما يوافق الطبع؟ أو يمتثل ما به رضا الله ﷿؟ الناس أجناس، ولهم طبائع، فإذا تأملنا العبادات جميعها وجدناها على أنواع، بعضها بدني محض، وبعضها مالي محض، وبعضها مركب منهما، حتى يتبين الكسول من غيره، والشحيح من الجواد، فربما سهل على بعض الناس أن يصوم النهار كله، النهار ويصلي الليل كله، لكن لا يسهل عليه أن يتصدق بدرهم، مثل هذا اختبر بالعبادات المالية، امتحن، وقد يسهل عليه خوض المعارك الضارية، ولا يهون عليه أن يبذل شيئًا من المال ولو يسيرًا، وبالعكس، فقد يسهل على الإنسان أن يخرج من جميع ما يملك، ولا يجاهد، أو يبذل الأموال ولا يصلي ركعة، وهكذا، فتنوع العبادات يحقق هذه الأمور كلها، ويتميز الممتثل من غيره، بعض الناس لو تقول له: ناولني هذا الكتاب أو هذا الكوب بريال ما رضي، وبعض الناس يبذل نفسه دون الريال.
لا شك أن الناس متفاوتين، فهؤلاء يمتحنون، الشحيح يمتحن بالعبادات المالية، والطرف الآخر يمتحن بالعبادات البدنية.
ذكر بعضهم، بعض شراح الصحيح كالكرماني وغيره عن بعض السلف أنه نذر إن اغتاب أحدًا تصدق بدرهم، فهانت عليه الغيبة، لماذا؟ لأن الإنفاق سهل عليه، يسير، ثم إنه بعد ذلك نذر أنه إن اغتاب أحدًا صام يومًا، فكف عن الغيبة لصعوبة الصيام عليه، فمن أجل هذا كله جاء تنوع العبادات الشرعية ليتم امتحان العباد حتى يعرف من يمتثل تعبدًا لله، ومن يمتثل تبعًا لهواه.
فالصلاة مثلًا عبادة بدنية محضة، وما يجب لها مما يحتاج إلى المال مما يحتاج إلى المال كماء الوضوء الذي يشتريه، والثياب لستر العورة تابع، وليس داخلًا في صلب العبادة.
1 / 10