شرح عمدة الفقه - الراجحي
شرح عمدة الفقه - الراجحي
Géneros
حكم استعمال آنية الذهب والفضة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الآنية.
لا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة في طهارة ولا غيرها؛ لقول رسول الله ﷺ: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)].
لما ذكر حكم الماء الذي يتطهر به ذكر الآنية؛ لأن الماء في الغالب يكون في آنية، فعقد هذا الباب للآنية التي قد يتطهر بها، فقال ﵀: (لا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة لا في طهارة ولا في غيرها)، فلا يجوز استعمالها للذكور ولا للإناث في أي نوع من أنواع الاستعمال كالكأس يشرب فيه الإنسان، أو إناء صغير يضعه في الماء يتوضأ به، أو طست يتوضأ به أو يغتسل به، أو ملعقة يأكل بها أو يشرب بها، أو مكحلة يكتحل بها الرجل أو المرأة، أو قلم يكتب به، فكل هذا حرام لا يجوز، يقول النبي ﷺ: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما؛ فإنها لهم -يعني: الكفرة- في الدنيا ولكم في الآخرة)، وفيه بيان العلة والحكمة أن أواني الذهب والفضة للمؤمنين في الجنة، وأما الكفرة فإنهم لا يرعون للإسلام حرمة ولا يبالون، فهم يستعملونها في الدنيا، فلا يجوز للمسلم أن يشابههم: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)، وهذا يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يشرب في كأس ولا في ملعقة ولا في غيرها، إلا حلي الذهب والفضة، فالمرأة تتحلى بما شاءت؛ لأنها محل الزينة والجمال، فتتجمل بها لزوجها، وتتحلى بالذهب والفضة في رقبتها أو في أذنها أو في ساعدها أو في أصابعها، أو في نحرها وصدرها، أو في رجليها كالخلخال سابقًا، فكانت النساء تلبس الخلخال من الذهب والفضة، فكل هذا لا بأس به للمرأة، فتلبس المرأة ساعة الذهب؛ لأنه من الجمال، وأما الرجل فلا يلبس ساعة الذهب ولا يموهها بالذهب، إلا خاتم الفضة، فإنه يتختم بالفضة كما جاء أن النبي ﷺ لبس خاتم الفضة، وثبت أنهم كانوا في أول الإسلام يتختمون بالذهب، ثم نزع النبي ﷺ خاتمه فنزع الناس خواتيمهم، فقضت الشريعة على أنه لا يجوز للإنسان الذكر أن يلبس خاتم الذهب، ويجوز لبس خاتم الفضة كما ثبت: (أن النبي ﷺ لبس خاتمًا من فضة مكتوب فيه: محمد رسول الله).
وثبت: أن النبي ﷺ رأى رجلًا في يده خاتم من ذهب فقال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده) فأخذها النبي وألقاها، فقيل للرجل بعدما ذهب النبي ﷺ: خذه تنتفع به، فقال: لا والله لا آخذه وقد رماه رسول ﷺ.
2 / 3