136

شرح عمدة الفقه - الراجحي

شرح عمدة الفقه - الراجحي

Géneros

حكم تأخير الصلاة عن وقتها وأما تأخير الصلاة عن وقتها فالخلاف في هذا مشهور، فمن العلماء من رأى أنه إذا أخرها متعمدًا دون عذر، من نسيان أو تأويل أو نوم يعذر فيه؛ لأن بعض الناس قد يؤخرها ناسيًا، فهذا الإنسان لا حيلة له وقد يؤخرها لأنه نام نومًا يعذر فيه. وأما من تعمد ذلك مثل: من يقوم بتوقيت الساعة على وقت العمل، ويتعمد عدم توقيتها على وقت الصلاة فإن هذا ليس معذورًا، وقد يؤخرها متأولًا، مثل: أن يكون مريضًا في المستشفى، فيؤخر الصلاة إذا كانت ثيابه نجسة، حتى يخرج، ثم يقضيها، فهذا متأول أما إذا أخرها ولم يكن نائمًا نومًا يعذر فيه، ولا ناسيًا، ولا متأولًا فهو على خطر وقد حكى جمع من أهل العلم بأنه يكون مرتدًا، واستدلوا على ذلك بقول النبي ﷺ: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)، والذي يحبط عمله هو الكافر. وقال آخرون من أهل العلم: إنه لا يكفر إلا إذا ترك الصلوات كلها أما إذا كان يصلي بعض الصلوات فلا يكفر. وذهب بعض الفقهاء المتأخرين: إلى أن كفره كفر أصغر والصواب: أنه كفر أكبر، وهذا هو الذي تدل عليه النصوص، من أنه إذا أخرها متعمدًا وليس له عذر فإنه يكفر كفرًا أكبر، وقال بعضهم: إلا إذا كانت تجمع مع غيرها، مثل صلاة الظهر فإنها تجمع مع العصر، فلا يكفر حتى يخرج وقت العصر، فيحكم بكفره، كذلك صلاة المغرب تجمع مع العشاء، وأما صلاة الفجر فلا تجمع مع غيرها، فإذا أخرها إلى بعد أن تشرق الشمس متعمدًا حكم بكفره -نسأل الله السلامة العافية- فإذا كان ديدنه وعادته ذلك، وليس له عذر فالأمر خطير، وهذا هو الذي قرره الصحابة والذي أتى به الصحابة كما نقل عبد الله بن شقيق العقيلي: أجمع الصحابة على أن ترك الصلاة كفر، ونقل ابن حزم وإسحاق بن راهويه: الإجماع على أن ترك الصلاة كفر. نسأل الله العافية. ولذلك فلا بد للإنسان من أن يجعل له أسبابًا توقظه، مثل: أن يجعل ساعة، أو يكلم بعض أهله أو أصحابه لينبهوه، فإن لم ينبهوه وفاتته الصلاة، وهو يريد أن يصلي، ولكن بدون اختياره، فهذا معذور، وليس التفريط من عنده أما أن يوقت الساعة على العمل مثل بعض الناس الذين لا يريد أن يستيقظ لصلاة الصبح، وتكون عادته الاستمرار على هذا فهذا ليس معذورًا؛ لأن هذا معناه تعمد ترك الصلاة ولهذا عندما كان النبي ﷺ في بعض أسفاره وأراد أن ينام في آخر الليل فقال: (من يكلنا الصبح، فالتزم بلال، وقال: أنا) وهذا هو الأصل بأن يجعل له أسبابًا توقظه. قال المؤلف ﵀: [والصلاة في أول الوقت أفضل إلا في العشاء الآخرة، وفي شدة الحر في الظهر]. فالصلاة في أول وقتها أفضل، إلا في العشاء الآخرة فإذا لم يشق التأخير فلا بأس، وأما إن كان في البلد فلا تؤخر؛ لأن فيه مشقة على الناس فيصلي مع الناس في أول الوقت حتى لا يشق عليهم، فإن لم يشق عليهم بأن كانوا محصورين وليس معهم أحد، كأن يكونوا في قرية أو مسافرين أو في مزرعة وليس معهم أحد فاتفقوا على التأخير فيؤخرون؛ لأن هذا هو الأصل، وأما في البلدان والمدن فلا يمكن هذا، فيصلي الصلاة في أول وقتها؛ لأن التأخير فيه مشقة على الناس. وكذلك الظهر في شدة الحر فإن الأفضل تأخيرها؛ لقول النبي ﷺ: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم).

7 / 6