Explanation of the Urgent Motivator
شرح كتاب الباعث الحثيث
Géneros
الحديث الموقوف
يقول: الموقوف: ومطلقه يختص بالصحابي، وكلمة (مطلقه) المراد بها: أنني إذا قلت: (موقوف) فقط وأطلقت هذه الكلمة دون تقييد فهذا يدل على أن القائل صحابي، إلا إذا قيد، والتقييد إنما يقيد الإطلاق، فإذا قلت: ومطلقه يختص بالصحابي معنى ذلك: أن قيده وتقييده يختص بغير الصحابي.
ولا يستعمل فيمن دونه إلا مقيدًا، أي: مصطلح الموقوف لا يستعمل فيمن دون الصحابي إلا مقيدًا، فيقال: موقوف على الزهري، فإذا قلت: موقوف وأطلقت ولم أقيد فلابد أن يكون هذا القائل صحابيًا.
لكن لو قلت: موقوف على فلان، فهل يلزم من ذلك أن يكون القائل صحابيًا؟
الجواب
لا؛ لأنني قيدت، ومعنى قيدت: أنني أخرجته عن أصله وحده المعروف.
وقد يكون إسناده متصلًا وغير متصل، يعني: وهذا ليس في الموقوف فقط، بل المقطوع والموقوف والمرفوع لا يلزم فيها الاتصال، فلا يعني ذلك أنه إذا أتاني حديث مرفوع ووجدت فيه انقطاعًا أقول: إن هذا الانقطاع يقدح في الرفع، وليس في الرفع فحسب، بل إنه سيقدح في الصحة، إنما لا يقدح في أن هذا الكلام منسوب إلى النبي ﵊، وهذا الانقطاع لا يقدح في كون هذا الكلام موقوفًا على الصحابي، وهذا الانقطاع لا يقدح في نسبة هذا الكلام إلى التابعي.
يعني: لا يلزم في المرفوع أن يكون متصلًا، والاتصال شرط في الصحة وليس شرطًا في الرفع ولا في الوقف ولا في القطع.
يقول: وهو الذي يسميه كثير من الفقهاء والمحدثين أيضًا: أثرًا.
إذًا: الأثر عند كثير من الفقهاء والمحدثين: هو ما كان موقوفًا على الصحابي، ومنهم من يعد الأثر في مقابل الخبر، فيسمي راوي الخبر: إخباريًا، ويسمي راوي الأثر: أثريًا، وكأنهم ينزلون المُخبِر على من يتكلم في الأخبار وسير الناس وأيامهم وغزواتهم وحروبهم وغير ذلك مما نقول عنها نحن: كتب التاريخ.
فالمؤرخ يساوي عندهم راوي الخبر، بخلاف الأثري فهو الذي يروي الآثار، هذه الآثار تطلق على المقطوع والمرفوع والموقوف، لكن عند إطلاق لفظ الأثر يكون الكلام موقوفًا على الصحابي، لكن يروى أحيانًا الأثر في مقابل البدعة؛ يقال: هذه البدعة لا تستند إلى علم، تستند إلى هوى، أما الأثر فمستنده الاتباع، فالحديث هو الاتباع.
وأهل الأثر هم أهل الحديث، لا نقول: هم أهل الموقوفات، وإنما هم أهل الحديث، سواء كان هذا الحديث موقوفًا أو مقطوعًا أو مرفوعًا.
قال: وعزاه ابن الصلاح إلى الخراسانيين أنهم يسمون الموقوف أثرًا.
قال: وبلغنا عن أبي القاسم الفوراني أنه قال: الخبر ما كان عن رسول الله ﷺ، والأثر ما كان عن الصحابي.
وهناك تفصيل آخر: أن الخبر أعم من الأثر، بمعنى: أن الخبر هو ما جاء عن النبي ﷺ وعن غيره، والأثر هو ما جاء عن الصحابي فقط، فكل خبر أثر وليس كل أثر خبرًا.
واعكس عمليًا: الخبر هو ما جاء عن غير النبي ﵊، والأثر هو ما جاء عنه وعن غيره، نفس العملية الأولى لكن بالمقلوب.
فإذا كان أمامنا قول عن أبي هريرة نقول: قد جاء في الخبر عن أبي هريرة، كقولك تمامًا: وقد جاء في الأثر عن أبي هريرة، بل وقد جاء في الأثر عن داود ﵇، ونحن نتكلم عن الأثر والخبر من حيث النبي ﵊ والصحابة، وأيضًا يقال في المروي عن الأنبياء.
قال: وبلغنا عن أبي القاسم أنه قال: الخبر ما كان عن رسول الله ﷺ، والأثر ما كان عن الصحابي، ومن هذا يسمي كثير من العلماء الكتاب الجامع لهذا وهذا بـ (السنن والآثار)، وتعرفون أن كتابي السنن والآثار للبيهقي والطحاوي من أحسن الكتب وأعظم الكتب التي ألفت في هذا إطلاقًا، وقد جمعت المرفوع والموقوف.
فالمرفوع هو ما يطلقون عليه السنن، والموقوف هو ما يطلقون عليه الأثر، ولذلك قالوا: السنن والآثار، وهذا صنيع الطحاوي، والطحاوي نفسه صنف كتاب مشكل الآثار، وشرح معاني الآثار، وعندما ترجع إلى كتاب شرح معاني الآثار أو مشكل الآثار عند الطحاوي تجده يتكلم فيه عن المرفوع.
وطبعًا إذا كانت المسألة محل اجتهاد فلا يلزم أن أرجح في القول في الحقيقة، بل يمكن أن يكون قوله أرجح من قول غيره، ويمكن أن يكون قول غيره أرجح من قوله، فلا تنكر علي ولا أنكر عليك.
فهذا من المصطلحات التي لا تؤثر، يعني: الآن أنا وأنت على أن هذا الحديث مثلًا مرفوع حيث إنه من قول النبي ﵊، فأنت تسميه أثرًا وأنا أسميه خبرًا، فهذا لا يغير في حقيقة سند هذا الحديث الذي أمامي، وسمه كما تحب، لا مشاحة في الاصطلاح، وهذا لا ينفي كونه مرفوعًا إلى النبي ﵊.
5 / 9