شرح ثلاثة الأصول للعثيمين
شرح ثلاثة الأصول للعثيمين
Editorial
دار الثريا للنشر
Número de edición
الطبعة الرابعة ١٤٢٤هـ
Año de publicación
٢٠٠٤م
Géneros
المسألة الرابعة: الصبر على الأذى فيه
...
الرابعة: الصبر على الأذى فيه (١) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الصبر حبس النفس على طاعة الله، وحبسها عن معصية الله، وحبسها عن التسخط من أقدار الله فيحبس النفس عن التسخط والتضجر والملل، ويكون دائمًا نشيطًا في الدعوة إلى دين الله وإن أوذى، لأن أذية الداعين إلى الخير من طبيعة البشر إلا من طبيعة البشر إلا من هدى الله قال الله تعالى: لنبيه ﷺ: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾ [سورة الأنعام، الآية: ٣٤] وكلما قويت الأذية قرب النصر، وليس النصر مختصًا بأن ينصر الإنسان في حياته ويرى أثر دعوته قد تحقق بل النصر يكون ولو بعد موته بأن يجعل الله في قلوب الخلق قبولًا لما دعا إليه وأخذًا به وتمسكًا به فإن هذا يعتبر نصرًا لهذا الداعية وإن كان ميتًا، فعلى الداعية أن يكون صابرًا على دعوته مستمرًا فيها. صابرًا على ما يعترضه هو من الأذى، وهاهم، وها هم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أوذوا بالقول وبالفعل قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ [سورة الذاريات، الآية: ٥٢] وقال ﷿: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾ [سورة الفرقان، الآية: ٣١] ولكن على الداعية أن يقابل ذلك بالصبر وأنظر إلى قول الله ﷿ لرسوله ﷺ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا﴾ [سورة الإنسان، الآية: ٢٣] كان من المنتظر أن يقال فاشكر نعمة ربك ولكنه ﷿ قال: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ [سورة الإنسان، الآية: ٢٤] وفي هذا إشارة إن كل من قام بهذا القرآن فلابد أن يناله ما يناله مما يحتاج إلى صبر، وأنظر إلى حال النبي ﷺ حين ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:
1 / 24