شرح لمعة الاعتقاد - محمد حسن عبد الغفار
شرح لمعة الاعتقاد - محمد حسن عبد الغفار
Géneros
رؤية الله ﷿ في الدنيا
وإن رؤية الله جل في علاه في الدنيا بالعين البصرية مستحيلة، ولا يمكن أن تحدث ولا لمحمد ﷺ، وأما الرؤية القلبية فجائزة لمحمد ﷺ ولغير محمد ﷺ، والمراد برؤية القلب أي: في المنام فالرؤية رؤيتان: رؤية بصرية، ورؤية قلبية.
أما الرؤية البصرية فمستحيل على أي أحد أن يرى الله جل في علاه في الدنيا.
والدليل على ذلك قول الله تعالى في مجيء موسى لميقاته: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ [الأعراف:١٤٣]، وقد اختلف العلماء في رؤية محمد لربه في الدنيا على قولين: القول الأول: ذهب ابن عباس ﵁ وأرضاه إلى أن محمدًا قد رأى ربه ليلة المعراج.
واستدل على ذلك بقوله ﷺ: (نور أنى أراه) وأيضًا قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والرؤية لمحمد، وهذا لم يثبت عن ابن عباس ﵁.
والقول الثاني: ذهب ابن عباس أيضًا في رواية أخرى عنه إلى أنه: رآه مرتين بقلبه.
وهذه الرواية توافق رواية عائشة والجمهور.
وقد انتصر الحافظ ابن حجر لقول ابن عباس وهو خلاف الراجح.
إذ إن الراجح: أن محمدًا ﷺ لم ير ربه بعينه البصرية أبدًا؛ وذلك لما تقرر في علم الأصول أن خطاب النبي ﷺ لأمته يدخل هو فيه، وقد قال النبي ﷺ: (لن تروا ربكم حتى تموتوا).
فهذا فيه دلالة قاطعة على أنه لا أحد يرى الله حتى يموت، ومنهم محمد ﷺ.
أما الرؤية القلبية، أو في المنام فهذه قد حصلت له ﷺ بأبي هو وأمي، وحصلت لآحاد الناس؛ لأن الأحكام على العموم لا على الخصوص.
ففي الترمذي بسند صحيح عن النبي ﷺ أنه قال: (رأيت ربي في المنام، فقال لي: يا محمد! أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أعلم، قال: فوضع يده على صدري فوجدت برد أنامله).
فالشاهد أنه قال: (رأيت ربي في المنام) فهذه دلالة على رؤية الله في المنام بلا كيفية، ولآحاد الأمة أن يرى ذلك، وهذا هو الذي رجحه الإمام أحمد، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية.
10 / 3