شرح لمعة الاعتقاد - محمد حسن عبد الغفار
شرح لمعة الاعتقاد - محمد حسن عبد الغفار
Géneros
تطاير الصحف
ثم لابد بعد أن يرى السعيد سعادته بتثقيل الله سبحانه لميزان حسناته ينشر الله الدواوين والكتب، فينادى على أهل اليمين فيأخذون الكتب باليمين، وينادى على أهل الشمال -والعياذ بالله- فيأخذون الكتب بالشمال، وترى الفرحة والسرور والبهجة على أهل اليمين، وترى الويل والثبور على أهل الشمال، فيقول قائل أهل اليمين: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة:١٩ - ٢٠]، اللهم اجعلنا ممن يأخذ كتابه بيمينه، قال تعالى: ﴿وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾ [الانشقاق:٩]، أما الآخر والعياذ بالله فيقول: ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة:٢٥ - ٢٦]، وهذا الذي ينقلب بالويل والثبور فيأخذ كتابه بشماله، نعوذ بالله أن نكون منهم.
وفي الحديث عن عائشة ﵂ وأرضاها -وقد ذكره الشارح على ضعف فيه لكنه يستأنس به- قالت: (سألت النبي ﷺ: هل تذكرون أهليكم؟ قال: أما في ثلاث مواطن فلا يذكر أحد أحدًا: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل؟ وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه: في يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره؟ وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجاوز).
ولذلك قال بعض السلف: ما من امرأة إلا وتقول لوليدها: أي بني! ألم تكن لك بطني وعاء؟ ألم يكن لك حجري غطاء؟ ألم يكن لك ثديي سقاء؟! أي بني! أحتاج إلى حسنة واحدة، فيقول: أي أماه! إليك عني فإني أحتاج إليها هذا اليوم، أو يقول: إني لها أحوج، وهذا مصداق لقول الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ﴾ [عبس:٣٤ - ٣٥] نعوذ بالله من الخذلان.
18 / 11