35

Explanation of the Great Foundation in Means and Intercession

شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة

Géneros

تحريم الشرع لوسائل الشرك قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [بل النبي ﵌ مع كونه لم يشرع هذا فليس هو واجبًا ولا مستحبًا، فإنه قد حرم ذلك وحرم ما يفضي إليه، كما حرم اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد]. تقدم شرح هذه الفقرة، وأن الشيخ يرد فيها على أصحاب التوسل البدعي، والذين زعموا أن بدعهم مشروعة فنسف مقولتهم من وجهين كما ذكرت لكم من قبل، الوجه الأول: التأكيد على أن أعمالهم هذه ليس عليها دليل إطلاقًا، وهي عبادة، والعبادة توقيفية لا تجوز إلا بدليل، ثم استدل عليهم من ناحية أخرى وقال: مع أنه لم يرد دليل ببدعكم هذه فإنه قد وردت الأدلة بالنهي عنها نهيًا صريحًا، فهو الآن يقرر الجانب الثاني، وهو أن الله قد حرّم هذه البدع والوسائل إلى الشرك، ومنها التوسل البدعي الذي تعلق به هؤلاء. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ففي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله ﵁ أن النبي ﷺ قال قبل أن يموت بخمس: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). وفي الصحيحين عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال قبل موته: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما فعلوا، قالت عائشة ﵂: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدًا). واتخاذ المكان مسجدًا هو أن يُتخذ للصلوات الخمس وغيرها كما تبنى المساجد لذلك، والمكان المتخذ مسجدًا إنما يقصد فيه عبادة الله ودعاؤه لا دعاء المخلوقين. فحرّم ﷺ أن تتخذ قبورهم مساجد بقصد الصلوات فيها كما تقصد المساجد، وإن كان القاصد لذلك إنما يقصد عبادة الله وحده؛ لأن ذلك ذريعة إلى أن يقصدوا المسجد لأجل صاحب القبر ودعائه، والدعاء به، والدعاء عنده. فنهى رسول الله ﷺ عن اتخاذ هذا المكان لعبادة الله وحده؛ لئلا يتخذ ذلك ذريعة إلى الشرك بالله].

4 / 6