61

Explanation of the Dalya Poem by Al-Kaludhani

شرح القصيدة الدالية للكلوذاني

Editorial

دار ابن الجوزي

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Géneros

قال الناظمُ ﵀: ٢٩. لَو لم يُرِدْهُ وَكَانَ كَانَ نَقِيصَةً ... سُبْحَانَه عَنْ أَنْ يُعَجِّزَهُ الرَّدِي (١) قوله ﵀: «لَو لم يُرِدْهُ وَكَانَ ...» هذا تتِمَّةٌ للجواب السابق، وكأنَّه يُبَرْهِنُ على جوابِه السابق فيذكر دليلًا عقليًَّا على أنَّ إرادةَ الله ومشيئتَه شاملةٌ لكلِّ ما في الوجود، فكلُّ ما في الوجود فهو بمشيئتِه سبحانه، فلا يكون إلا ما يريد، ولا يكون في السماوات والأرض من حركةٍ ولا سكونٍ إلا بمشيئتِه سبحانه وإرادتِه، فالإرادةُ كلُّها للسيِّدِ. فقوله: «لَو لم يُرِدْهُ وَكَانَ كَانَ نَقِيصَةً» أي: إنَّ الله ﷿ لو لم يُرِد ما يَقَعُ في الوجود من القبائح من كفرٍ ومعاصٍ ونحوِ ذلك، ثم كانت ووُجِدَتْ لكان ذلك نقصًا في قدرته سبحانه، إذ كيف يقع في ملكه شيئًا لم يُرِدْه؟ وكيف يقع شيءٌ بخلاف مرادِهِ سبحانَه؟ فالقول بهذا يلزم منه تَنَقُّصُ الرَّبِّ وتَعْجِيزُه، فمضمون قولِ القَدَرِيَّة أنَّ الكافرَ شاءَ الكفرَ وأنَّ العاصي شاء المعصية، والله تعالى شاء منهما الإيمان والطاعة، فوقع مرادُهما دون مرادِ الله ﷿، وهذا مذهبٌ باطلٌ شرعًا وعقلًا؛ لأنَّه يتضمن تعجيز الرَّبِّ، وأنَّه يكونُ في ملكِه ما لا يريد، والله ﷿ قد أكذبهم في غير ما آيةٍ من كتابِه الكريم، من ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (٢٥٣)﴾ [البقرة: ٢٥٣]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ [الأنعام: ١١٢]، وقال ﷿: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ [يونس: ٩٩]، وقال سبحانه: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ [السجدة: ١٣].

(١) ورد البيت في بعض النسخ هكذا: لَو لم يُرِدْهُ لكَانَ ذَاكَ نَقِيصَةً ... سُبْحَانَه عَنْ أَنْ يُعَجَّزَ في الرَّدِي

1 / 94