شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة - محمد حسن عبد الغفار
شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة - محمد حسن عبد الغفار
Géneros
معاني فعل الرؤية إذا تعدى بنفسه أو بإلى أو بفي
قوله تعالى: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ فعل هذا النظر يتعدى بنفسه، ويتعدى بإلى ويتعدى بفي، وأنا أسرد ذلك للرد على أهل البدع والضلالة، الذين ينكرون رؤية الله جل في علاه يوم القيامة.
فيتعدى بنفسه فيكون معناه: الانتظار، أي: الانتظار لثواب الله أو لعقابه أو لحسابه.
قال الله تعالى حاكيًا لنا عن حال المنافقين على الصراط مع المؤمنين عندما يضاء للمؤمنين وهم يستضيئون بنور المؤمنين، ثم بعد ذلك يضرب بينهم بسور، قال الله تعالى حاكيًا عن قولهم: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ [الحديد:١٣].
فقوله تعالى: «انْظُرُونَا» يعني: انتظرونا، حتى نستفيد من هذا النور فنمر على الصراط المظلم الشائك كما تمرون أنتم.
وأيضًا تتعدى بـ (في) قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ﴾ [الأعراف:١٨٥]، فهذه الرؤية لازمها التدبر، فهي رؤية تدبر عقلي وقلبي لآيات الله الكونية، حتى تتدبر في لوازم ربوبية الله سبحانه جل في علاه.
إذًا: لو تعدت بـ (في) فهي رؤية بصرية، لكن لازمها الرؤية القلبية بالتدبر.
وأما إذا تعدت بـ (إلى) فالمقصود بها الرؤية البصرية، كما قال الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة:٢٢ - ٢٣]، أي: يرون الله بأم أعينهم، فالرؤية بصرية، ولذلك قال الله تعالى: ﴿انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ﴾ [الأنعام:٩٩]، فهنا رؤية بالبصر، فإذا تعدت الرؤية بـ (إلى) فمعناها الرؤية البصرية.
قال الله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ [ق:٦] فهنا رؤية بصرية لكن لازمها التدبر لقول الله تعالى: «كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا».
وفي قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة:٢٢ - ٢٣]، هذه الآية تثبت رؤية المؤمنين لربهم، رزقنا الله وإياكم ذلك في الجنة.
23 / 4