141

Explanation of the Book of Hajj from Bulugh al-Maram

شرح كتاب الحج من بلوغ المرام

Editorial

الدار العالمية للنشر والتوزيع

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Ubicación del editor

الإسكندرية - جمهورية مصر العربية

Géneros

وقالوا أيضًا: إن نزول المسافر في مصر ومكثه مدة لا تمنع القصر، فما الذي يخرجه من عموم قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ وهو من الذين آمنوا وهو شاهد يسمع النداء معافى، فما الذي يحجزه عن شهود هذا الخير وامتناعه من السعي إلى ذكر الله؟.
قالوا: وقد أمر رسول الله ﷺ في صلاة العيد بخروج العواتق وذوات الخدور والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، وأيضًا والجمعة عيد المسلمين في الأسبوع، وهي عيد بالنص والإجماع، فلابد أن يخرج لها من كان بالمصر من الذكور البالغين غير المعذورين والمسافر المستقر غير معذور، وكيف يأمر النساء بالخروج من خدورهن والحيض ليشهدن العيد ويدع المسافرين فلا يأمرهم بشهود الجمعة؟ بل أمرهم بشهود الجمعة أولى، وأيضًا: لم نعلم أن الصحابة الذين كانوا يفدون على النبي ﷺ كانوا يتخلفون عن الجمعة معه، وقد أخرج مسلم من طريق سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: قال أبو رفاعة: «انتهيت إلى النبي ﷺ وهو يخطب قال: فقلت: يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه؟ قال: فأقبل على رسول الله ﷺ وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتى بكرسي حسبت قوائمه حديدًا قال: فقعد عليه رسول الله ﷺ وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم أخرها» ومسلم أخرجه في أبواب الجمعة (١)
وهذا هدى محمدٍ ﷺ وهدي أصحابه، وقالوا: إن من القواعد المقررة عند علماء الملة «أنه يثبت تبعًا مالا يثبت استقلالًا»، وهذه قاعدة صحيحة عند جماهير علماء الأمة على اختلاف مذاهبهم وقد اختلفت تعبيراتهم عنها، فعند الحنابلة ما قدمناه من لفظ القاعدة وعند الشافعية يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها، وعند الأحناف الأصل أنه قد يثبت الشيء تبعًا وحكمًا وإن كان قد يبطل قصدًا، وقد ضرب العلماء لهذه القاعدة أمثلة كثيرة في العبادات والمعاملات، وقد دلت عليها الأدلة الشرعية وجاءت

(١) برقم (٨٧٦) ..

1 / 146