شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال
شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال
Géneros
معنى الصيام لغة وشرعًا
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده رسوله.
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
مع كتاب جديد وهو كتاب الصيام، أما لفظ (كتاب) فقد شرحناه مرارًا، وهو الذي يضم عدة مسائل متشابهة، أو يخدم قضية واحدة، كما لو قلنا: كتاب الزكاة، كتاب الصيام، كتاب الحج، فكل كتاب من هذه الكتب إنما يتكلم عن الموضوع العام الذي خط لأجله، فكل مسألة من هذه المسائل التي تندرج تحت هذا الكتاب إنما تخدم قضية واحدة وهي قضية الزكاة، أو قضية الحج، أو قضية النكاح، أو الصلاة أو غيرها.
إذًا: فمعنى كتاب أنه الذي يضم عدة مسائل متشابهة في داخله، كما لو قلت: كتيبة، فالكتيبة هي التي تضم عدة أفراد ومعدات متشابهة، فالذي في كتيبة المشاة غير الذي في كتيبة المدرعات، فالمدرعات إنما تضم عدة معدات وأفراد، وتهتم بجانب من الجوانب يختلف عن غيره، وكما تقول: كتابة، فلو أنك أخذت ورقة فيها كلام لقلت فيها كتابة، فالكتابة هي التي ضمت عدة أحرف، فكونت كلمة أدت معنىً معينًا، فإذا قلنا: كتاب الصيام، فقد بدأنا في كتاب عام يتكلم في فرعيات موضوع واحد وهو موضوع الصيام.
وأما الأبواب فهي تلك الأبواب المختلفة التي عالج كل باب منها فرعًا معينًا من فروع هذا الكتاب.
فالباب: هو ما يدخل منه إلى غيره.
وأما الصيام فمعناه في اللغة: الإمساك، ولذلك لا يشترط أن يكون الإمساك عن الطعام والشراب، بل يمكن أن يكون الإمساك عن الكلام؛ لأنك إذا أمسكت عن أي شيء فأنت صائم، ولذلك قالت مريم ﵍: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا﴾ [مريم:٢٦]، فهي نذرت لله إمساكًا عن الكلام، وتعبدت إلى الله ﷿ بهذا الإمساك، فالصيام في اللغة يطلق على الإمساك: الإمساك عن الكلام، عن الطعام، عن الشراب، عن الشهوة.
أما الإمساك في الشرع: فإنه الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة في وقت معين من شخص معين بنية.
ويكون هذا الإمساك من شخص معين وهو المسلم؛ لأن الصيام من غيره لا يصح ولا يقبل، فمهما صام اليهود ومهما صام النصارى، فإن دينهم وشرعهم منسوخ، وإن الله ﵎ لا يقبل من أحد دينًا إلا دين الإسلام، فمهما صام غير المسلم فإنه لا يقبل منه، ولذلك الصيام واجب في حق المسلم البالغ القادر المقيم.
من شخص معين، في وقت معين معلوم، وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
12 / 2