شرح القواعد الفقهية
شرح القواعد الفقهية
Editorial
دار القلم
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
Ubicación del editor
دمشق - سوريا
Géneros
ادّعى حق الْمُرُور أَو رَقَبَة الطَّرِيق، وَأقَام بَيِّنَة شهِدت لَهُ بِأَنَّهُ كَانَ يمر فِي هَذِه لَا يسْتَحق بذلك شَيْئا، وَأَن الشَّاهِد إِذا فسر للْقَاضِي أَنه يشْهد بِالْملكِ بِنَاء على مُعَاينَة الْيَد لَا تقبل شَهَادَته.
وَاسْتشْهدَ لَهُ المرحوم ابْن عابدين، فِي تَنْقِيح الْفَتَاوَى الحامدية، بِمَا نصوا عَلَيْهِ من أَن الْوَقْف إِذا كَانَ على الْقَرَابَة، وَادّعى رجل أَنه من الْقَرَابَة وَأقَام بَيِّنَة شهِدت أَن الْوَاقِف كَانَ يُعْطِيهِ كل سنة مَعَ الْقَرَابَة لَا يسْتَحق بِهَذِهِ الشَّهَادَة شَيْئا، وَكَذَا لَو شهدُوا بِإِعْطَاء القَاضِي لَهُ مَعَ الْقَرَابَة كل سنة لَا يكون إِعْطَاء القَاضِي حجَّة. انْتهى.
وكل هَذِه الْفُرُوع لَا تصلح للتمسك، لِأَن الدَّعْوَى وَالشَّهَادَة فِيهَا لَيست من قبيل دَعْوَى التَّصَرُّف الْقَدِيم الْمُفَسّر بِمَا تقدم، وَلَا من قبيل الشَّهَادَة بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهر. كَيفَ وَكتب الْمَذْهَب والفتاوى ناطقة بِلُزُوم اعْتِبَاره، وَقد أفتى بِاعْتِبَارِهِ حَامِد أَفَنْدِي الْعِمَادِيّ، فِي محلات عديدة من فَتَاوِيهِ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهَا نفس المرحوم ابْن عابدين، وَنقل عَن الشَّيْخ إِسْمَاعِيل الحائك أَنه أفتى بِاعْتِبَارِهِ أَيْضا، وكل ذَلِك بِنَاء على مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كتب الْمَذْهَب من اعْتِبَاره. وصرحوا أَيْضا بِأَن اعْتِبَاره هُوَ الِاسْتِحْسَان، وَأَن عَلَيْهِ الْفَتْوَى.
لَو ادّعى أحد الْخَصْمَيْنِ الْحُدُوث، وَادّعى الآخر الْقدَم، فَالْقَوْل قَول من يَدعِي الْقدَم، وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة من يَدعِي الْحُدُوث (ر: تَنْقِيح الْفَتَاوَى الحامدية، والمادة / ١٧٦٨ / من الْمجلة) .
بَقِي هَا هُنَا شَيْء يكثر وُقُوعه، وَلم أر من تعرض لَهُ وَهُوَ مَا لَو ادّعى أَحدهمَا الْحُدُوث وَادّعى الآخر مُرُور الزَّمن، فَهَل يُكَلف مدعي الْحُدُوث الْبَيِّنَة أَو يُكَلف الْبَيِّنَة مدعي مُرُور الزَّمن؟ لقَائِل أَن يَقُول بِالْأولِ، وَأَنه إِذا ثَبت الْحُدُوث لَا تسمع دَعْوَى مُرُور الزَّمن، وَذَلِكَ لِأَن مدعي الْقدَم يَدعِي مُضِيّ مُدَّة على الْأَمر الْمُتَنَازع فِيهِ هِيَ أَضْعَاف مُدَّة مُرُور الزَّمن، لِأَن الْقَدِيم، كَمَا تقدم، مَا لَا يُوجد من يعرف أَوله، وَهَذَا لَا يكون غَالِبا إِلَّا بعد أَن يمْضِي عَلَيْهِ أَكثر من ثَمَانِينَ أَو تسعين سنة، وَقد
1 / 98