شرح ألفية ابن مالك للعثيمين

Muhammad ibn Salih al-Uthaymin d. 1421 AH
76

شرح ألفية ابن مالك للعثيمين

شرح ألفية ابن مالك للعثيمين

Géneros

شروط جمع الصفة جمعًا مذكرًا سالمًا قوله: [وارفع بواو وبيا اجرر وانصب سالم جمع عامر ومذنب] تقدم الكلام على عامر، وأنه إذا تأملته وجدت أنه علم لمذكر عاقل خال من التاء ومن التركيب. وقد تكلمنا على هذا، منطوقًا ومفهومًا. أما قوله: (مذنب) فهو اسم فاعل من أذنب، وهو وصف وليس اسمًا، فلا يوجد من يسمي ابنه مذنبًا، وإنما هو وصف، يعني: فاعلًا للذنب. هذا الوصف إذا تأملناه وجدنا أنه وصف لمذكر عاقل، لأن الذي يوصف بالذنوب هم العقلاء، أما المجانين فليس لهم ذنوب. وأيضًا (مذنب) خال من تاء التأنيث، أما التركيب فغير وارد، لأنه لا تركيب في الصفات، لكن يقولون هنا: ليس من باب أفعل فعلاء، ولا فَعْلان فَعلى، ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، وأنا أرى أن نحذف هذا، وأن نقول: وصف لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث، فقط. وأما قولهم: وليس من باب أفعل فعلاء، ولا من باب فعلان فعلى، ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، فكل هذا موضع خلاف، ونحن ابتدائيون، لا حاجة لنا في أن ندخل أنفسنا في غمار خلاف مرجوح. مثال ذلك: (مذنب) تقول فيه: مذنبون، قائم: قائمون، راكع: راكعون، ساجد: ساجدون وهلم جرا. أما (حامل) فإذا كان يَقصد به امرأة حاملًا، فهذا لا يجمع جمع مذكر سالمًا، لأنه ليس وصفًا لمذكر، وإذا قصد رجلًا حاملًا فهذا يجمع. ولهذا لو قال لك قائل: هل تجمع (حاملًا) جمع مذكر سالمًا؟ ف الجواب بالتفصيل: إن أردت به المرأة الحامل فلا لأنه وصف لمؤنث، وإن أردت اسم الفاعل ممن يحمل العفش مثلًا فهو وصف لمذكر فيجوز أن يجمع جمع مذكر سالمًا. قولنا: (خال من التاء)، فإن كان مقرونًا بالتاء لم يجمع جمع مذكر سالمًا ولو كان وصفًا لمذكر عاقل، مثل: علاَّمة، لو جاءك ثلاثة علماء كل واحد يستحق أن يقال له علامة، فلا تقول: جاءني علامون. ولكن هذا فيه خلاف أيضًا، يقول بعض النحويين: إذا علمنا المراد فهو جائز، حتى وإن كان مقرونًا بالتاء. وكذلك نابغة، فلا تقل: نابغون؛ لأنه مختوم بالتاء. ولكن نقول: إن اشتراط ألا يكون مختومًا بالتاء ليس عليه دليل، لا من القرآن ولا من السنة ولا من الإجماع. فإذا لم يكن كذلك فإنه لا يعتبر، فالصحيح أنه يجوز. المهم أن نفهم المعنى. والذين قالوا: لا يجوز، قالوا: إنك إذا قلت علامون في جمع علاَّمة، فإنك لم تفصح بالتاء التي فيها زيادة المبالغة، لأن علاَّمة أشد مبالغة من علام. قالوا: فإذا قلت علاَّمون، ظن السامع أنه جمع علاَّم، وهو أقل رتبة من علامة. وتبين مما سبق أنه إذا لم يكن الاسم علمًا ولا وصفًا، فإنه لا يجمع جمع مذكر سالمًا ولو كان لعاقل، كرجل فإنك لا تجمعه على (رجلون). وإنسان، لا يجمع على (إنسانون) لأنه ليس علمًا ولا وصفًا. وبشر: لا يجمع على (بشرون). فإن سميت ابنك رجلًا، وزميلك سمى ابنه رجلًا، والزميل الثاني سماه رجلًا، فجاء هؤلاء الأبناء، فإنك تقول: جاءني رجلون؛ لأن رجلًا هنا صار علمًا. وإذا سميت ابنك بَشَرًا، وزميلك كذلك والزميل الثاني كذلك، فتقول: بَشَرون؛ لأنه صار علمًا، أما إذا كان اسم جنس فإنك لا تجمعه جمع مذكر سالمًا. قوله: (وشبه ذين) يعني ما شابههما في كونه علمًا أو صفة على الشروط التي ذكرنا.

5 / 10