شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل
Géneros
[المسألة الأولى]:
أنّ صفة الحياة صفةٌ مُشتَرَكة بين كل مخلوقات الله ﷿.
وكل حياة لها ما يناسبها، حتى الجماد له حياة تناسبه؛ حتى الشجر والحجر له حياة تناسبه.
وإنما سمي جمادًا لأنه جامد في الظاهر؛ ليس له حركة ظاهرة، وإلا فإنه ليس بميت يعني لا حراك فيه ولا حياة، وإنما هو:
- ميت باعتبار عدم الحركة.
- وجماد باعتبار عدم الحركة.
ولهذا فإنَّ اشتراك المخلوقات مع الرب ﷿ في هذا الاسم وفي صفة الحياة هذا اشتراكٌ في أصل المعنى فكل له حياة تناسبه، على حسب القاعدة المعروفة: وهي أن الصفات بما يناسب الذوات.
فإثبات الصفات إثبات وجود لله ﷿ لا إثبات كيفية، وصفات المخلوقات تناسب ذواتهم الوضيعة الضعيفة الفقيرة.
وهذا ظاهر أيضًا في صفتي السمع والبصر كما قد قرَّرْنَاهُ لكم مِرارًا في قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١]، فإنّ صفة السّمع وصفة البصر مشتركة بين أكثر الكائنات الحية، وكذلك الحياة فهي مُشْتَرَكَة بين جميع الكائنات الحية، منها ما حياته بالروح والنفس، ومنها ما حياته بالنماء، ومنها ما حياته خاصة به كالصخور والتراب، وأشباه ذلك ولهذا كان؟ يقول كما رواه مسلم في الصحيح «إني لأعلم حجرا بمكة ما مررت عليه إلا سلَّم علي (١) .
فإذًا إثبات هذه الصفة واسم الحي لله ﷿ يدل على نفي التعطيل بجميع أنواعه، ويدل على إبطال التجسيم بجميع أنواعه.
ولهذا صار اسمًا عظيمًا مختصًا بالرب ﷿ على وجه الكمال، لأنَّ المخلوق يعرف أنَّ حياته قصَّة قليلة يريد زيادتها فلا يستطيع، يريد أن يكون في وَصْفِهِ بالحياة أكمل من وصف غيره فلا يستطيع، فدلَّ على ظهور نقصه في الصفة المشتركة بينه وبين جميع المخلوقات.
المقصود من هذا إنَّ في إثبات صفة الحياة لله ﷿ إبطال للتعطيل وإبطال للتجسيم على الوجه الذي ذكرته لك، وهو ظاهر في قوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ .
_________
(١) انتهى الوجه الأول من الشريط الثالث، أما الحديث فهو في مسلم (٦٠٧٨) .
1 / 47