Explanation of Al-Aqidah Al-Waasitiyyah by Al-Harras
شرح العقيدة الواسطية للهراس
Editorial
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤١٥ هـ
Ubicación del editor
الخبر
Géneros
وَإِنْكَارِ الْقَدَرِ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا هُوَ ثَابِتٌ بِالضَّرُورَةِ مِنِ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ في فعله ومسؤوليته عَنْهُ، وَبَيْنَ مَا دلَّت عَلَيْهِ النُّصُوصُ مِنْ عُمُومِ خَلْقِهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتِهِ؛ لأِنَّ ذَلِكَ الْعُمُومَ فِي زعمهم إبطال لمسؤولية الْعَبْدِ عَنْ فِعْلِهِ، وهدمٌ لِلتَّكَالِيفِ، فَرَجَّحُوا جَانِبَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وخصَّصوا النُّصُوصَ الدَّالة عَلَى عُمُومِ الْخَلْقِ وَالْمَشِيئَةِ بِمَا عَدَا أْفَعَالِ الْعِبَادِ، وَأَثْبَتُوا أَنَّ الْعَبْدَ خَالِقٌ لِفِعْلِهِ بِقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، فَأَثْبَتُوا خَالِقِينَ غَيْرَ اللَّهِ، وَلِهَذَا سمُّوا مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمّْةِ؛ لِأَنَّ الْمَجُوسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَخْلُقُ الشَّرَّ وَالْأَشْيَاءَ الْمُؤْذِيَةَ، فَجَعَلُوهُ خَالِقًا مَعَ اللَّهِ، فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ جَعَلُوا الْعِبَادَ خَالِقِينَ مَعَ اللَّهِ.
وَالطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ: يُقَالُ لَهَا: الْجَبْرِيَّةُ، وَهَؤُلَاءِ غَلَوا فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ، حَتَّى أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ فِعْلٌ حَقِيقَةً، بَلْ هُوَ فِي زَعْمِهِمْ لَا حُرِّيَّةَ لَهُ، وَلَا اخْتِيَارَ، وَلَا فِعْلَ؛ كَالرِّيشَةِ فِي مهبِّ الرِّيَاحِ، وَإِنَّمَا تُسْنَدُ الْأَفْعَالُ إِلَيْهِ مَجَازًا، فَيُقَالُ: صَلَّى، وَصَامَ، وَقَتَلَ، وَسَرَقَ؛ كَمَا يُقَالُ: طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَجَرَتِ الرِّيحُ، وَنَزَلَ الْمَطَرُ، فَاتَّهَمُوا رَبَّهُمْ بِالظُّلْمِ وَتَكْلِيفِ الْعِبَادِ بِمَا لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَمُجَازَاتِهِمْ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَاتَّهَمُوهُ بِالْعَبَثِ فِي تَكْلِيفِ الْعِبَادِ، وَأَبْطَلُوا الْحِكْمَةَ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ.
1 / 230