117

شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح

شرح العقيدة الطحاوية - خالد المصلح

Géneros

وجوب التسليم لقدر الله الذي هو سره
نعم يقول ﵀: (وأصل القدر هو سر الله تعالى في خلقه) (أصل القدر) أي: قاعدته التي يبنى عليها أنه سر الله في خلقه، والسر في الأصل: هو ما خفي وكتم، فالقدر هو سر الله تعالى في خلقه أي: أنه جل وعلا أخفاه وكتمه فلم يظهره لخلقه، يبيّن هذا قوله: (لم يطلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل) فإذا عجزت عن إدراك وفهم هذا السر، أو فهمت القدر وما تضمن فيجب عليك أن تسلم لله ﷾، وأن توقن أصلًا ثابتًا لا يتزحزح أنه جل وعلا حكم عدل: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [يونس:٤٤] ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت:٤٦] فإذا أيقن العبد أن الله جل وعلا لا يظلم الناس شيئًا، وأنه ليس بظلام للعبيد، وأنه حرم على نفسه الظلم قر قلبه واطمأن وزال ما فيه من الشوائب والكدر المتعلقة بهذا الباب.
فالواجب على المؤمن أن يسلم لله ﷿ كما تقدم في كلام المؤلف ﵀، فأصل القدر سر الله، وهذه الكلمة نقلت عن عيسى ﵇ فيما نقل، وهي مأثورة عن جماعة من الصحابة ﵃، وهي تفيد فائدتين: الفائدة الأولى: قطع النظر والتعمق في هذا الباب فالنظر فيه لا يوصل إلى علم؛ لأنه سر، والسر خفي، والخفي لا سبيل إلى تحصيله.
الفائدة الثانية: التسليم لله ﷿؛ لأنه إذا كان سرًا فلا يمكن الاطلاع عليه، وإذا أيقنت بأن ربك حكم عدل جل وعلا فإنك ستمتنع عن المعارضة والمناقشة والتعمق في هذا الباب.

10 / 9