Evangelization and Colonialism in the Arab Countries: An Account of Missionary Efforts Aimed at Subjugating the East to Western Colonialism
التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي
Editorial
المكتبة العصرية-صيدا
Número de edición
الخامسة
Año de publicación
١٩٧٣
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
سُورِيَّةَ؟ وَكَيْفَ دَخَلَتْ فِي عِدَادِ تَقَالِيدِ دَوَائِرِهَا الحُكُومِيَّةِ؟.
إِنَّنِي كُنْتُ عَثَرْتُ عَلَى جَوَابِ هَذَا السُّؤَالِ مِنْ خِلاَلِ التَّصْرِيحَاتِ التِي كَانَ أَدْلَى بِهَا إِلَيَّ أَحَدُ المُطَّلِعِينَ عَلَى هَذِهِ النُّظُمِ وَدَخَائِلَهَا. إِنَّ هَذِهِ النُّظُمَ إِنَّمَا وُضِعَتْ لِغَايَاتٍ تَحَكُّمِيَّةٍ، خِدْمَةً لِمَصَالِحِ الدَّوْلَةِ المُنْتَدَبَةَ وَحْدَهَا.
فَإِنَّ رِجَالَ الاِنْتِدَابِ عِنْدَمَا شَعَرُوا بِضَرُورَةِ إِعْطَاءِ بَعْضِ السُّلُطَاتِ إِلَى الحُكُومَاتِ المَحَلِّيَّةِ وَالمُوَظَّفِينَ الوَطَنِيِّينَ، أَرَادُوا أَنْ يُوجِدُوا نِظَامًا إِدَارِيًّا خَاصًّا يَضْمَنُ لَهُمْ تَحْقِيقَ الغَايَتَيْنِ التَّالِيَتَيْنِ:
آ - إِلْهَاءُ المُوَظَّفِينَ بِمُعَامَلاَتٍ قِرْطَاسِيَّةٍ مُطَوَّلَةٍ وَمُعَقَّدَةٍ لاَ تَتْرُكُ لَهُمْ مَجَالًا لِلاِلْتِفَاتِ إِلَى الأُمُورِ الجَوْهَرِيَّةِ مِنْ جِهَةٍ، ثُمَّ تُخْفِي عَنْ الأَنْظَارِ زِمَامَ السُّلْطَةِ الحَقِيقِيَّةِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
ب - تَنْظِيمُ مَجَارِي المُعَامَلاَتِ الإِدَارِيَّةِ عَلَى أَسَاسِ " مَرْكَزِيَّةٍ مُفْرِطَةٍ " لاَ تَتْرُكُ مَجَالًا لإِفْلاَتِ مُعَامَلَةٍ مِنَ المُعَامَلاَتِ عَنْ نِطَاقِ اطِّلاَعِ رِجَالِ الاِنْتِدَابِ، وَشَبَكَةِ سَيْطَرَتِهِمْ السَّافِرَةَ أَوْ المُقَنَّعَةَ.
هَذَا هُوَ السِّرُّ الحَقِيقِيُّ فِي نَشْأَةِ البِيرُوقْرَاطِيَّةِ المُضْحِكَةَ وَالمَرْكَزِيَّةَ الغَرْبِيَّةَ التِي تُشَاهَدُ فِي جَمِيعِ نُظُمِ الإِدَارَةِ السَّائِدَةِ فِي سُورِيَّةَ. إِنَّ هَذِهِ النُّظُمُ التِي تُخَالِفُ أَبْسَطَ قَوَاعِدِ الإِدَارَةِ السَّلِيمَةِ وَأَوْضَحِ مَبَادِئِ العَقْلِ وَالمَنْطِقِ - إِنَّمَا وُضِعَتْ لِهَذَا السَّبَبِ وَلِهَذِهِ الغَايَةِ.
إِنَّ انْسِحَابَ الأَيْدِي الأَجْنَبِيَّةِ التِي كَانَتْ تُحَرِّكُ أَهَمَّ عَتَلاَتِ هَذِهِ المَاكِينَةِ، وَانْتِقَالِ هَذِهِ المُعَامَلاَتِ إِلَى الأَيْدِي الوَطَنِيَّةِ لاَ يُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ حَقِيقَةِ الحَالِ. إِنَّ هَذِهِ المَاكِينَةَ - لاَ تَزَالُ كَمَا كَانَتْ - مَاكِينَةً مُرَتَّبَةً لِخِدْمَةِ المَصَالِحِ الأَجْنَبِيَّةِ - بَعِيدَةً عَنْ خِدْمَةِ مَصَالِحِ البِلاَدِ الحَقِيقِيَّةِ.
أَعْتَقِدُ أَنَّ التَّخَلُّصَ مِنْ هَذِهِ المَاكِينَةِ - البَاقِيَةِ مِنْ عَهْدِ الاِنْتِدَابِ - وَالاِسْتِعَاضَةِ عَنْهَا بِمَاكِينَةٍ إِدَارِيَّةٍ جَدِيدَةٍ مُرَتَّبَةً تَرْتِيبًا تَخْدِمُ مَصَالِحَ البِلاَدِ الحَقِيقِيَّةِ - وِفْقًا لِلْقَوَاعِدِ المَأْلُوفَةِ فِي البِلاَدِ المُسْتَقِلَّةِ - يَجِبُ أَنْ يُعْتَبِرَ مِنْ أَوْجَبِ الوَاجِبَاتِ التِي تَتَرَتَّبَ عَلَى رِجَالِ سُورِيَّةَ فِي عَهْدِهَا الاِسْتِقْلاَلِيِّ هَذَا».
هذه كلمة عامة قالها ساطع الحصري في تنظيم الإدارة لخدمة مصلحة الانتداب يوم كان الانتداب السافر موجودًا. ثم هو يعتقد أن زوال الانتداب لَمْ يُزَلْ آثَارُهُ. وأما فيما يتعلق بالثقافة خاصة فقد بسط ساطع الحصري رأيه في نحو ثلاثين صفحة من " تقاريره ". ولقد بين في أثناء ذلك أن الانتداب لم يسخر التعليم الرسمي لأغراض فرنسا المنتدبة فقط،
1 / 85